التوتر عدو الإنسان فى هذا الزمن
وبالنظر إلى ظروف الحياة البيئية التى نعيشها، نجد أن التوتر أصبح عدو الإنسان المعاصر، الكل يلهث وراء لقمة العيش، والبعض الآخر يجرى وراء اللحاق بركب الأثرياء أصحاب الشقق والفيلات وأمتلاك الأراضى حتى أصبحوا حراس للأموال متوترين خائفين لا يشعرون بلذة للحياة.
وعندما أنظر إلى مفهوم التوتر الذى أصاب مجتمعنا أجد أن التوتر شعور لاغنى عنه، فالتوتر هو استجابة فيزيولوجية ينظمها الدماغ لحماية الجسم من بعض المخاطر، ولتأمين ظروف أفضل فى البيئة المحيطة به، وهناك أنواع من التوتر رئيسيه يتوزع عليها التوتر، منها التوتر الجسدى الذى يشعر به الشخص من خلال الجسم على سبيل المثال نزف من الأنف مفاجئ، التوتر العاطفى، التوتر النفسي، ويرجع التوتر العاطفى والنفسي وهم النوعان الأكثر شيوعاً فى العاده الى القلق والخوف، وكذلك مشاعر إيجابيه كالوقوع فى قصة حب أو الانتظار لدخول الامتحان أو مقابلة مهنية مهمة، أو أى ظرف آخر يتطلب من الشخص أداء معين، يتميز هذا النوع من التوتر بحالة معينة من اليقظة وشدة الإنتباه ويقظة الاحاسيس ويتبدد جزءا كبيرا من طاقة الإنسان فى تلك الحالة.
والتعرض المزمن لفترات طويله ولمدد ممتدة ولظروف شديدة أو لردود أفعال مفرطة، يحدث إذاء للبناء النفسي للفرد، يمكن أن يؤدى الى نشوء الاكتئاب والى شيخوخة الدماغ قبل أوانه.
ومن هنا نلاحظ أن المرضى المكتئبين يصابون بتضخم فى الغدد الكظرية التى تقع فوق الكبد والتى تقوم بفرز الإدرينالين فى مجرى الدم وهو ما يعرف بشحنة الإدرينالين الشهيره المعروف نتائجها فى أحداث التوتر والشحنات الأنفعاليه التى توتر خلايا الجسم وتنشط أجهزة الجسم مثل نشاط الغده الدرقيه وتسارع ضربات القلب والجهاز التنفسي وتثبط جهاز المناعة.
وقد لاحظ علماء الأحياء أيضاً أن القرود الموضوعة تحت تأثير أعداء من جنسها، تصاب بقروح فى المعدة وبتدهور الخلايا العصبية، ما قد يؤدى الى الوفاة، ولما كانت الأجهزة العصبية وخلاياها وأنظمة الاستجابة للتوتر شبيهة لدى الإنسان، فهذا يدعوا بالتالى إلى القلق على مصير الإنسان المعاصر فى ظل تزايد حالات التوتر لديه.
فإستمرار الإنسان فى حالة التوتر التى يعانى منها مع طول المدة وشدة التعرض أصبح يعانى من التوتر المزمن، وأصبح يعانى من ردات فعل غير مرغوب بها مثل التعب والإنهاك والإجهاد والأداء المنخفض والأكتئاب وآلام فى الرأس ومشاكل فى الجهاز الهضمى والمشاكل الجنسيه وغيرها من أعراض هذا الزمان.
وأرى أن لاسبيل لنا فى الوقت الحاضر غير التوقف لفتره مع النفس لترميم البناء النفسي من خلال البحث عن جودة الحياة من خلال شبكة العلاقات الاجتماعية والتدعيم الأسرى وتدعيم الأصدقاء وتوفير وقت لقضاء وقت مع من نحبهم ونبذل الجهد للبحث عنهم.
وتوفير الوقت للأنشطة البدنية والاعتناء بالحالة الصحية واللياقة البدنية، تغذية العقول والكف عن غذاء البطون من خلال القراءة والبحث عن المعلومة الصحيحة من مصادرها فالرياضة الذهنية وتطوير المهارات الشخصيه والعملية يخلصنا من التوتر والشعور بالذنب، البحث عن الحياة الروحانية وصفاء النفس والسلام الداخلى من خلال الصلاه والتأمل والخشوع والسجود للخالق العظيم والتفهم الصحيح لجوهر وصميم العبادة الصحيحة، كل هذا من أجل البحث عن معنى لحياتنا ، بعيدا عن التوتر الذى أصبح يلاحقنا حتى فى منامنا ففتقدنا قدرتنا على الهدوء وراحة البال.