دول بحر قزوين تبرم اليوم اتفاقاً تاريخياً لتقاسمه
عشية اجتماع لقادة الدول المشاطئة لبحر قزوين، يُرجّح أن يضع أساساً قانونياً لإنهاء خلافات لتقاسم البحر وثرواته، دامت أكثر من عقدين، أكد وزير الخارجية الكازاخي خيرت عبد الرحمانوف أن بلاده لا تنوي السماح للولايات المتحدة بإنشاء قواعد عسكرية في حوض قزوين.
وتستضيف مدينة أكتاو الكازاخية اليوم القمة الخامسة لقادة بلدان حوض البحر، وتضمّ أيضاً روسيا وتركمانستان وأذربيجان وإيران. ورجّح الرئيس الكازاخي نورسلطان نزارباييف «إبرام اتفاق تاريخي» في القمة. وأقرّ بصعوبة المفاوضات بين البلدان الخمسة من أجل «تنسيق مواقفنا لتسوية كل الملفات المتعلّقة بعملنا المشترك في بحر قزوين، حول الشحن واقتسام الموارد وحفظ الموارد البيولوجية البحرية والتجارة والتعاون بين دولنا»، معرباً في الوقت ذاته عن أمله بـ «تنسيق كل الملفات».
واستبعد عبد الرحمانوف نشر قواعد أمريكية في حوض قزوين، موضحاً أن التعاون العسكري مع الولايات المتحدة «يتمحور حول نقل بضائع غير فتاكة عبر السكك الحديد الكازاخية، لمواصلة عمليات ضرورية جداً للمجتمع الدولي دعماً للحكومة الأفغانية».
ولفت إلى أن نقل هذه البضائع لا يقتصر على أراضي كازاخستان، مذكّراً بأن هناك دولاً أخرى واقعة على طرق النقل، من الولايات المتحدة إلى أفغانستان، بينها روسيا التي كانت تؤمّن هذا العبور، بين عامَي 2010 و2015. وأشار إلى أن «هذه الشحنات كانت تمرّ عبر الأراضي الروسية وكازاخستان وأوزبكستان».
وأعلن الكرملين أمس أن قادة الدول الخمس سيوقعون خلال قمة أكتاو وثيقة تحدد الوضع القانوني لبحر قزوين، مضيفاً أنه «بمقتضى الاتفاق فإن المساحة الأكبر من المسطح المائي ستكون متاحة لاستخدام مشترك بين البلدان، وقاع البحر والثروات تُقسم بين البلدان المتجاورة، باتفاقات ثنائية على أساس القانون الدولي».
وأوضح البيان أن «الملاحة والصيد البحري، والتجارب العلمية، وإنشاء شبكات أنابيب النقل، تتم بتوافق الأطراف، على أن تراعى العوامل البيئية لدى تنفيذ المشاريع البحرية الضخمة». وتابع أن الاتفاق «لا يسمح بوجود قوات عسكرية من خارج بلدان المنطقة، وتتحمّل البلدان الخمسة المشاطئة لبحر قزوين المسؤولية عن حفظ الأمن في البحر وإدارة ثرواته».
وعلى رغم اختيار كازاخستان موعد القمة، لتتزامن مع الذكرى الثانية عشرة لبدء تنفيذ اتفاق بلدان حوض قزوين لحماية البيئة البحرية، من أجل إضفاء رمزية على الاتفاق الجديد، يشكّك خبراء في قدرة الاتفاق الجديد على تجاوز خلافات كبرى، خصوصاً في الجزء الجنوبي من البحر، بين إيران وأذربيجان مع تركمانستان. ففيما اتفقت أذربيجان وكازاخستان وروسيا على تقاسم الشطر الشمالي، تختلف تركمانستان مع إيران وأذربيجان على تبعية حقول مهمة لإنتاج النفط والغاز في البحر.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي وبروز دول مستقلة، بدأ البحث عن اتفاق لتقاسم البحر، بدل آخر أبرمته إيران والاتحاد السوفياتي، علماً أن البحر يحوي ثروات هائلة من النفط والغاز، قدّرتها وكالة الطاقة الأمريكية في تسعينات القرن العشرين بنحو 200 بليون برميل من النفط، وأكثر من 200 تريليون متر مكعب من الغاز.
وفي البداية أصرّت إيران على تقاسم البحر مناصفة مع البلدان الأربعة الأخرى، ثم تراجعت إلى المطالبة بخمس البحر. وفي الاتفاق الجديد يمكن أن تتراجع حصتها إلى 13-14 في المئة من قاع البحر، بالقياس إلى مساحة شواطئها.
وتمحورت الخلافات حول تصنيف قزوين الذي تصل مساحته إلى 371 كيلومتراً مربعاً، بوصفه بحراً أم بحيرة مغلقة، وهذا أمر يحدّد طابع تقسيم سطح البحر وثرواته الباطنية، وكذلك الحق في بناء خطوط أنابيب لنقل الغاز والنفط عبر قاعه.
وفي حين يتيح الاتفاق الجديد توافق البلدان الخمسة على ملفات الأمن والصيد والتجارة، فإنه يشعل صراعاً على بناء خطوط نقل متنافسة للطاقة.
وعطّل عدم تحديد الوضع القانوني للبحر مشروع «الخط العابر لقزوين» بين تركمانستان وأذربيجان، ويشكّل أساساً لشبكة الممرّ الجنوبي. وهذا مشروع تعمل أوروبا على إنشائه من أجل نقل النفط والغاز من قزوين عبر تركيا، ليصل إلى جنوب أوروبا، ويستهدف تخفيف اعتماد القارة العجوز على صادرات الطاقة من روسيا.
معلوم أن بحر قزوين أضخم بحر مغلق في العالم، ويبلغ أقصى طول له 1200 كيلومتر وعرضه 300 كيلومتر، بين أبعد نقطتين شاطئيتين، ويبلغ أقصى عمق له 1023 متراً.
المصدر: وكالات