مفتي الجمهورية: الرجوع للضوابط الفقهية يحافظ على هوية المجتمع واستقراره
أكد فضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام أن اخضاع الاجتهاد والنظر والتقليد في الفقه والإفتاء والقضاء للقواعد والضوابط الفقهية الدقيقة عبر الأجيال والعصور يعصم الأحكام المستنبطة والعمل لدى الأمة أفرادا وجماعات من التخبط والفوضى، ويسهم أيضا في المحافظة على الهوية واستقرار المجتمع والنهوض بالأمة.
وشدد علام – في حوار اليومي الرمضاني في برنامج (مع المفتي) المذاع على قناة (الناس)، والذي يقدمه الإعلامي شريف فؤاد – على اهتمام المسلمين عبر تاريخهم بمباحث هذه القواعد لضبط المسائل وردها إلى أصولها؛ لأنها بمثابة الآلة التي ترسم للفقيه والمفتي والقاضي خطوطًا واضحة المعالم في عملية الاجتهاد والفتيا والقضاء والتدريس.
وقال “إن العناية بهذه القواعد تساعد على ضم الأشباه والنظائر بعضها إلى بعض، والفصل بين المتشابهات، مستشهدا بقول الإمام القرافي: (من ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات، واتَّحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب، وأجاب الشاسع البعيد وتقارب، وحصل طلبته في أقرب الأزمان، وانشرح صدره لما أشرق فيه من البيان)”.
ونبه فضيلة المفتي إلى قاعدة أصولية مهمة، وهي “لا يُنكر المختلف فيه ولكن يُنكر المجمع عليه”، واستدل فضيلته بالعديد من الأمثلة التي هي من قسم المختلف فيه الذي لا يُنكر، كإخراج زكاة الفطر نقدا، فمن يُنكِر على الناس إخراجهم نقودا يؤدي إلى البلبلة وزعزعة المستقر في نفوس المسلمين مما يجعلهم يتساءلون عن حكم ما أخرجوه في الماضي من زكاة، وكذلك الأمر في إنكار بعض هيئات الصلاة كإسدال اليدين أو تكبيرات صلاة العيدين أو حتى وقوع لفظ الطلقات الثلاث بلفظ واحد في مجلس واحد ثلاث تطليقات، وغيرها من الأحكام على خلاف ما استقر عند العلماء والناس.
وحذر من إنكار بعض الشباب المتعاطف مع الأفكار المتطرفة لبعض القوانين المعمول بها في الدولة، والتي أصلها رأي معتبر عند العلماء، حيث أن هذه القوانين الملزمة بأمر ولي الأمر مبنية على أقوال أهل العلم، وبالتالي فإن حكم القاضي في المنازعة بين المتخاصمين في هذه الحالة ملزم ويرفع الخلاف.
ولفت علام النظر إلى أن قضية الخلاف الفقهي وضعت لها قواعد ضابطة لضبط حركة الخلاف في المجتمع، حيث أن الاختلاف الفقهي بين العلماء منطقة واسعة، ولو أخذ بالمعايير المنضبطة سيكون رحمة للأمة، أما لو أخذ بمنهج آخر إقصائي سنكون في مشكلة عويصة، ولعلنا نعانى من ذلك حاليا.
وناشد الشباب المتحمس والمندفع من ذوي الأفكار المتطرفة، قائلا “فكروا في عواقب التمرد على القواعد والضوابط المستقرة للاجتهاد والتقليد، وأعيدوا النظر مرة أخرى في أفكاركم المخالفة للفهم الصحيح للكتاب والسنة”.
المصدر : أ ش أ