فورين أفيرز: تسامح تركيا مع التطرف شجع مواطنيها على الانضمام لداعش
وخلال هجوم داعش على مدينة عين العرب (كوباني) السورية الكردية، خرج الأتراك الأكراد إلى الشوارع بأعداد غفيرة، احتجاجاً على تراخي الموقف التركي من ذلك الهجوم، حيث خلفت تلك الاحتجاجات 50 قتيلاً، وتم إحراق أكثر من ألف مبنى، ومنها مدارس ومصارف ومراكز صحية ودوائر حكومية، وتراجعت ثقة رجال الأعمال بالوضع الاقتصادي في المناطق الكردية، ولذلك كله يستحيل أن يكون للراديكالية الإسلامية مكان في صورة تركيا كنموذج للديموقراطية الإسلامية.
بيئة مواتية للراديكالية
وترى المجلة أن الراديكالية في تركيا متناسبة تماماً مع ظهور مؤسسات سياسية ومجتمع مدني إسلامي، خلال السنوات الأخيرة، في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، ولذا خرج من تركيا عدد كبير من الجهاديين وانضموا إلى داعش، حيث ولَّدَ مجتمع مدني ومؤسسات سياسية مهترئة، بيئة مواتية للراديكالية.
وتفيد تقارير حديثة بأن قرابة ألف تركي انضموا إلى داعش، وبضعة مئات آخرين التحقوا بجبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا.
ومن المحتمل أن تقلل هذه الأعداد من الإطار الحقيقي لانتشار الجهاديين في تركيا، وذلك بفضل ضعف الحراسة على طول الحدود التركية السورية.
دراسة معمقة
وتقول فورين أفيرز: “من أجل الحصول على صورة أوضح لهوية أولئك المقاتلين، أحدثنا قاعدة معلومات بالاعتماد على بيانات حول 112 عنصراً تحولوا إلى جهاديين، واستعنا بمصادر كصحف ومجلات ومواقع إخبارية ومنتديات ومدونات، وذلك بهدف جمع معلومات بيوغرافية”.
وتتابع: “كما زرنا تركيا، وحضرنا ندوات إسلامية طرحت فيها وجهات نظر مؤيدة لجهاديين، وذلك من أجل تكوين فهم أوسع حول الرديكالية في تركيا”.
أنماط متباينة
وتمضي المجلة في توصيف الأصولية في تركيا، قائلة: “كشفت قاعدة البيانات التي أنشأناها أنماطاً متباينة، فالجهاديون، ومعظمهم ذكور، يأتون من خلفيات اجتماعية واقتصادية متنوعة، تشمل محامين وتجاراً وأصحاب محال صغيرة، وطلاب جامعات، وموظفين في القطاعين الخاص والعام، وعدد كبير من هؤلاء متزوجون”.
وتضيف “ومن بين التقارير المتوفرة لدينا، هناك 31 جهادياً متزوجين ولديهم أطفال، و37 غير متزوجين، كما أن معدل التحصيل العلمي للمجموعة أعلى من المعدل الوطني، وعدد كبير من المجندين لديهم أعمال ثابتة، ناهيك عن أن معدل سن الجهادي عند تطوعه في منظمات إرهابية هو 27 عاماً، أي أنهم أكبر سناً من معظم المقاتلين من الأكراد السوريين والأتراك”.
نتائج مدهشة
وتلفت فورين أفيرز إلى حقيقة أن معظم الجهاديين في العالم جاءوا من بيئات فقيرة، وليس من بينهم عدد من الجامعيين، كما أن غالبيتهم عاطلين أو منبوذين اجتماعياً، إلا أن وضع الجهاديين مختلف تماماً في تركيا، فهم كما ذكرنا متعلمين أو أثرياء، ومستقرين في وظائفهم وتجاراتهم، وفي مجتمعهم.
ولكن عيش هؤلاء في ظل حكومة إسلامية، حكمت تركيا منذ 12 عاماً، وأرخت الحبل على الغارب لبعض الجماعات المتشددة، والتي استفادت من أجواء التسامح الرسمي مع التطرف الديني، أدى لتكوين قاعدة واسعة من الجهاديين
موقع 24 .