مهرجان البستان اللبناني يستدعي الساحرة “ميديا” من عالم الأساطير
كدأبه كل عام في إحياء التراث الكلاسيكي العالمي قدم مهرجان البستان في لبنان أوبرا “ميديا” التي نادرا ما تؤدى على
المسرح لما تتطلبه من أحبال صوتية فولاذية في الدور المحوري للساحرة الأسطورية اليونانية العاشقة حتى الانتقام.
ميديا – وترجمتها “الماهرة” – هي تراجيديا ألفها الروائي والمسرحي يوربيديس (480-406 قبل الميلاد)
انطلاقا من أسطورة “جيسون وميديا”.
تتمحور الحكاية الكلاسيكية في نسختها الأصلية حول إحدى أهم الساحرات في العالم القديم التي تحمل اسم ميديا وقصة
حبها الأسطورية مع زوجها جيسون.
وفي الأسطورة تتوسل الساحرة بقدراتها الخارقة لتساعده في الحصول على الصوف الذهبي الذي يرمز إلى السلطة والملكية.
ويدفعها حبها الأعمى إلى قتل شقيقها لتتمكن وزوجها من الفرار من مملكة كولخيس القديمة.
لكن جيسون وبعد إنجابه ولدين من ميديا يتخلى عن زوجته التي ضحت بالكثير في سبيل حبه ويقرر الزواج من ابنة الحاكم
كريون فإذا بالساحرة العاشقة والمغدورة تسمم عروسه في ليلة الزفاف ولا تكتفي بالجريمة بل يدفعها حقدها إلى قتل ولديها من جيسون.
واختار مهرجان البستان النسخة الإيطالية لأوبرا “ميديا” التي ألفها لويجي شيروبيني (1760-1842) لتقدم للمرة الأولى
في مارس 1797. واعتبرها المؤلف الألماني يوهانس برامز ذروة الموسيقى الدراماتيكية.
ويعتبر لويجي شيروبيني من أكثر الفنانين إبداعا في تلك الحقبة وحاز على احترام أبي الأوبرا الألمانية كارل ماريا فون فيبر
والمؤلف الألماني لودفيج فان بيتهوفن الذي اعتبره الأهم من بين الموسيقيين المعاصرين.
ووقف جمهور مسرح البستان – حيث يقام الحدث سنويا في جبل لبنان – احتراما لطاقة السوبرانو البلغارية سفيتلا فاسيليفا
في دور “ميديا” دقائق طويلة في نهاية الأوبرا. كما قبل يدها مدير المهرجان الفني والمايسترو الإيطالي جيان لوكا مارسيانو
وعبر أعضاء أوركسترا مهرجان البستان عن تفاعلهم مع هذا الأداء الرائع من خلال القرع الخفيف على آلاتهم الموسيقية.