مفتي الجمهورية يؤكد أن شعيرة الحج ترد بقوة على كل دعوة لتفريق كلمة الأمة
أكد فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام- مفتي الجمهورية- أن الحج لا يزال هو السجل الحافل الذي رمز لتاريخ الوحدة بين شعوب المسلمين، وهو المؤتمر الأكبر الذي تسبب في تبادل الأفكار والخبرات بين علماء الأمة، فيحدث التقارب والتحاور ويتجلى التطبيق الأسمى لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}[الحجرات: 13].
وأضاف في كلمته التي ألقاها في افتتاح ندوة الحج الكبرى لعام ١٤٣٧هـ بمكة المكرمة أن الأمر بالدعوة إلى الحج أتى منذ عهد نبي الله إبراهيم عليه السلام ليحفظ ذاكرة الأمة الواحدة التي ترجع إلى الأنبياء جميعًا وإلى إبراهيم أبي الأنبياء، والتي تتبع في هديها سنة خاتم الأنبياء جميعًا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى هذه الصلة الكريمة يشير القرآن الكريم في قوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين}[النحل: 123].
وقال فضيلة المفتي: “إن هذه الرسالة المباركة التي يرسل بها المكان وتبعث بها الشعيرة المقدسة لترد بقوة على كل دعوة لتفريق كلمة الأمة أو تحاول أن تنال من استقرارها وأمنها وتلك رسالة من الفريضة إلى الواقع والحاضر”.
وشدد مفتي الجمهورية على أنه يتوجب علينا نحن الذين وكلت لنا أمانة الدعوة والفتوى في هذه الأمة أن نسارع في ترجمة هذه الرسائل إلى واقع يراه الناس، كل بحسب موقعه وعلى قدر مسئوليته، وأضاف: “أخص منهم أصحاب الفتوى بفتاويهم التي تجمع بين فقه النصوص ومعرفة التراث الأصيل وتقدر الواقع المعيش فتكون فتاواهم سببًا في تحقيق مقاصد الشريعة ومقاصد الشعيرة على السواء”.
وأوضح فضيلته أنه مع أهل الفتوى والإرشاد تأتي تخصصات الأمة جميعها ووظائف أبنائها التي تحتاجها الفريضة المباركة لتكون هناك مسئولية مشتركة على الجميع تمتد لتصل إلى الباحثين في كل التخصصات، بل والفنيين والفرق المساعدة كلها منظومة واحدة متكاملة تواصل عطاء التاريخ وترسل رسالة للعالم أجمع أن هذه الأمة حية، وأن وجه الدين الذي أنزل إليهم ناصع البياض، وأنهم ما تمسكوا بشعائره وعباداته إلا وكتب لهم التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة، وكان ذلك سبيلاً لسعادة الدارين.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن هذه الأماكن الشريفة شهدت ميلاد الرسالة المحمدية وأيامها الأولى، في مكان منها تنزل الوحي عليه صلى الله عليه وسلم، ومكان آخر شهد صبره هو وأصحابه على بيان دعوته وتبليغها، وآخر شهد جهره بدعوته، وشهد آخر على عبادته.