#
ناشرو الشائعات

ناشرو الشائعات

كتب : د.احمد فخرى
الأحد 22.05.2016 
 
 
تنتشر الشائعات فى مجتمعنا بشكل كبير، كالنار فى الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وأحيانا متعددة عبر برامج التوك شو المسائية، كما نجد مروجى الشائعات يتنقلون فى وسائل النقل العام بين أبناء الوطن الساعين وراء لقمة العيش، فيقومون ببث الأكاذيب بغية إصابتهم بالإحباط والهم وفقدان العزيمة، وزعزعة الانتماء لبلدهم والتشكيك فى أى خطوات وإنجازات تقوم بها الحكومة والمسئولين، فنجد المعلومات المغلوطة بحجة تأجيج وتقليب الرأى العام، على رئيس الجمهورية وفريق العمل الحكومى، وإرباك المشهد السياسي فى مصر داخليا وخارجيا.
 
ويستهلك ناشرو الشائعات الكثير من الوقت والجهد والمال الذى يضيع فى نشر تلك الأكاذيب، وعلى الرغم من عدم منطقية تلك الشائعات، ولكنها قد تعمل بطريقة ماكرة وخبيثة تؤدى إلى إيذاء وتلطيخ سمعة البلد، وينتج ناشرو الشائعات أسرا وإثارة اهتمام مستمعيهم ومشاهديهم من خلال تضخيم الأشياء البسيطة وجعلها كبيرة أو كما يقال فى العامية “يجعلون من الحبة قبة”، وتلك الخطوات هي الأدوات التى يستخدمها كوسيلة الإعداد للشائعة، وبعد ذلك يتم إعطاء الإذن ببدء ولادت وترويج تلك الشائعات.
 
ونجد أن جماعات ترويج الشائعات جماعات ممولة وليست معارِضة معارَضة شريفة، ويرجع ذلك إلى أن من يمتهن مهنة ترويج الشائعات يستهلك الكثير من الوقت والمال والجهد، فبدلا من أن ينهمك فى حرفة يقوم بها أو عمل يمتهنه أو شيء نافع لبلده أو لدينه، يقضى وقته فى إعداد ونشر وترويج الشائعات الكاذبة.
 
كما أن من يقوم بنشر الشائعات والأكاذيب نجد أن شخصيته تنطوى على المكر والخبث بهدف تشويه سمعة الآخرين ومصداقيتهم وسمعة البلد الذى احتضنه منذ طفولته، كما أن الشائعة قد تسبب ترويع الآمنين على أرواحهم وممتلكاتهم ووطنهم الذى يعيشون على أرضه، فمروجة الشائعة لا يعبأون بأى حالة من حالات الذعر وحالة الارتباك وانخفاض الروح المعنوية للآخرين، على الرغم من أن ديننا الحنيف نهى عن ترويع الآمنين حتى فى حالات الحرب.
 
ومع تفاقم مشكلة انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعى وعبر وسائل التواصل المسموعة والمرئية، أرى أن المواطن عليه أن يتجاهل سلوك نشر الشائعات ويغض النظر عن انتشارها، علينا أن نهدأ ونعلم أن الشائعات تتضخم وتكبر عندما تجد الأرض الخصبة بين الأفراد على تناولها وتناقلها عبر الوسائل المختلفة، فنجد نجاح تلك الأكاذيب وإعطاء سند لمروجى الشائعات بالاستمرار فى نسج شائعات أخرى أكثر حبكة وملاءمة للظروف المحيطة بالحدث أو الموقف.

وعلى الدولة أن تقوم بإنشاء قناة إخبارية على قدر عال من الحرفية واستخدام تكنولوجيا حديثة لنشر كل ما يخص الدولة بشكل حيادى بنَّاء وواقعى مبن على الأسانيد والأدلة المنطقية، قناة يلجأ إليها المواطن البسيط للتأكد من المعلومة من مصدرها الرسمى وقنواتها الشرعية.
 
ونحن جميعاً نعلم أن مصر أول دولة فى الشرق الأوسط وأفريقيا تمتلك جهازا إعلاميا مؤسسيا منذ الستينيات من منتصف القرن الماضى، فالقاعدة الإعلامية موجودة لدينا، ولكن تحتاج إلى مزيد من الترميم وعلاج المشكلات الداخلية وتدريب الكوادر الإعلامية على أحدث النظم والأساليب الحديثة، حتى نستطيع استعادة مكانتنا الإعلامية على الصعيد الداخلى والخارجى، ونقلص ونحد من مروجى الشائعات ونحبط تلك الأكاذيب، ونعود إلى تحرى الدقة وامتلاك الأسلوب المنطقى فى تلقى المعلومة وبثها، كلى أمل وتفاؤل فى إمكانيتنا على إعادة ترتيب البيت الإعلامى من جديد حتى يقف حائط صد أمام مروجى الشائعات.

2016-05-22