نداءات بمجلس الأمن بضرورة فرض قراراته بالشرق الأوسط ومنع إسرائيل من استخدام المساعدات “كوسيلة ضغط”
طالب مبعوثون ومندوبون عن الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي، ضرورة فرض قرارات المجلس المتعلقة بالأوضاع في الشرق الأوسط، مستنكرين تردي الوضع الإنساني في قطاع غزة.. ودعوا إسرائيل إلى وقف استخدام المساعدات الإنسانية “كوسيلة ضغط”، ورفع الحصار عن غزة، ورفع القيود على الوصول الإنساني، والتعاون الكامل مع الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات الإنسانية.
وشدد مبعوثون دوليون ومندوبو الدول – خلال جلسة إحاطة لمجلس الأمن الدولي، عقدت مساء الأربعاء، لمناقشة الحالة الإنسانية في قطاع غزة والوضع الشرق الأوسط -على ضرورة السعي من أجل منع الصراع في المنطقة من الاستمرار والتوسع.. وقالوا “لا يمكننا الجلوس ومشاهدة الشرق الأوسط بأسره ينزلق إلى حرب شاملة”.
فمن جانبه، قال مبعوث فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور – متحدثا إلى أعضاء مجلس الأمن، خلال الجلسة – إن إسرائيل لا تستمع إلى “أي منكم”..”أنتم ترفضون – بشكل جماعي – استخدام الأدوات المتاحة لكم لتنفيذ قراراتكم”.. مضيفا “تستمرون في تكرار أنفسكم. لقد عقدنا عشرات الاجتماعات. سمعت كلمة (يجب) ربما مائة مرة ../يجب أن يكون هناك وقف إطلاق نار، يجب أن تكون هناك مساعدات إنسانية/ قائمة طويلة، لكن دولة واحدة لا تستمع”.
وأشار إلى أن “الهجمات غير المسبوقة” من إسرائيل ضد الأمم المتحدة، والأمين العام، والأونروا، يجب أن تفهم في سياق هجماتها على الشعب الفلسطيني.
وأضاف: “إذا كان هدف إسرائيل هو جعل غزة غير قابلة للعيش، فعليها أن تهاجم العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة – الأونروا”.
وأكد أن الهدف الحقيقي من الهجمات هو اللاجئون الفلسطينيون الذين تخدمهم الوكالة.. وواصل قائلا إن إسرائيل، بصفتها “القوة المحتلة”، تتحمل واجب حماية وتوفير الاحتياجات للسكان الفلسطينيين.
وأشار إلى أن إسرائيل لا تفي بهذا الواجب فحسب، بل تهاجم أيضاً من يستجيبون لاحتياجات الفلسطينيين، وقال: إسرائيل لا تكترث .
من جانبه، قال مندوب روسيا أمام مجلس الأمن الدولي فاسيلي نيبينزيا، مدافعا عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن “أساليب الإرهاب لا يمكن تبريرها وأن العنف ضد الإسرائيليين والفلسطينيين غير مقبول”.
ونبه مندوب روسيا – خلال جلسة مجلس الأمن الدولية، إلى أن غزة أصبحت أكبر سجن مفتوح في العالم؛ تتعرض لقصف مستمر وتحظر المساعدات، مشيرا إلى أن ما يمكن اعتباره نجاحا هو حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي تقوم بها الأمم المتحدة. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك مشاريع القوانين في الكنيست ضد الأمم المتحدة، التي تهدد، من بين أمور أخرى، عمل الأونروا.
وأضاف أن هجوم إسرائيل على الأونروا قد يكون له تأثير سلبي على المنطقة بأكملها، وكذلك على إقامة دولة فلسطينية، مشيرا إلى أنه “لا يجب علينا أن نسمح بتمرير هذا الأمر”.
وشدد على ضرورة “الدفاع عن الوكالة”، مشيرا إلى أن الحوار بشأن وقف إطلاق النار في مأزق وأن إسرائيل لم تظهر أي اهتمام بالسلام.
وتساءل المندورب الروسي”كيف يمكننا دعوة الأمم المتحدة للقيام بمهمتها الإنسانية في ظل استمرار القصف؛ مما يعيق إيصال المساعدات، عندما يتم اغتيال العاملين في المجال الإنساني وعندما تُهدد الأونروا بالإغلاق؟”
وأكد أن الوضع الكارثي الحالي؛ لا يمكن حله إلا من خلال الوسائل الدبلوماسية؛ لوضع حد لإراقة الدماء وضمان قدرة الفلسطينيين على تأكيد حقهم في تقرير المصير.
بدوره، شدد مندوب الصين لدى الأمم المتحدة “فو كونج” على ضرورة آلاف تستخدم إسرائيل، المساعدات كـ “وسيلة ضغط”.. وقال إن الصراع في غزة والوضع في الشرق الأوسط؛ كانا في مقدمة أعمال المجلس، “ومع ذلك لم يتحسن الوضع واستمر في التدهور”.
وأشار إلى أن “مليوني شخص في غزة يعانون تحت الحصار والنيران”، وأن واحدا من كل 50 شخصا قد مات نتيجة لـ “العنف”.
وقال: “لا يمكننا قبول أن الموت والجوع قد أصبحا الوضع الطبيعي الجديد في غزة”.. مضيفا “غزة بالفعل جحيم على الأرض، والمساعدات الإنسانية تمنح الناس الأمل في البقاء”.
وأبرز المندوب الصيني، دور وكالة “أونروا”، واصفاً إياها بأنها “ضرورية ولا يمكن استبدالها”. وأعرب عن قلق الصين العميق بشأن مشاريع القوانين في الكنيست الإسرائيلي التي تستهدف الوكالة.
ودعا إسرائيل إلى “وقف استخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط، ورفع الحصار عن غزة، ورفع القيود على الوصول الإنساني، والتعاون الكامل مع الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات الإنسانية.. وقال: “لا يمكننا السماح للصراع بالاستمرار والتوسع. ولا يمكننا الجلوس ومشاهدة الشرق الأوسط بأسره ينزلق إلى حرب شاملة”.
من ناحيته، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، إن قطاع غزة يشهد انتهاكا فاضحًا للقانون الإنساني، والعنف المتزايد يعصف بالضفة الغربية.
وتابع مفوض أونروا – خلال كلمة عبر الفيديو أمام مجلس الأمن الدولي – إن 650 ألف طفل في غزة سيفقدون أملهم بالتعليم، وعمليات المساعدة ستنهار حال عدم وقف العدوان، مشددا على أن “الإفلات من العقاب هو ما يسود حاليًا”.
وقال لازاريني إن مشاريع القوانين في الكنيست المصممة لحرمان “أونروا” من الحصانة و”تفكيك” الوكالة؛ من شأنها أن تشكل “سابقة خطيرة لحالات الصراع الأخرى”؛ حيث قد ترغب الحكومات في نفي عمل الأمم المتحدة.
وأضاف أن الفشل في التصدي لها؛ سيؤدي – في نهاية المطاف – إلى المساس بالعمل الإنساني وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم”.
وتساءل مستنكرا “إلى متى سيتسامح مجلس الأمن مع الأفعال؛ التي تضرب قلب التعددية وتهدد السلام والأمن الدوليين”.. مبينا أن “هذا الإفلات من العقاب يتطلب استجابة حاسمة؛ أو يمكننا أن نعترف بأن النظام الدولي القائم على القواعد بعد الحرب العالمية الثانية قد انتهى”.
من جانبها، قالت مديرة قسم التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ليزا دوتن إن أوامر الإخلاء التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية مؤخراً لمناطق واسعة من شمال غزة، إلى جانب “العمليات البرية” المكثفة؛ تهدد بمزيد من الموت والدمار والنزوح الجماعي للمدنيين.
ونبهت مسئولة (أوتشا) إلى أن حالة من الفوضى المطلقة تسود الوضع بالقطاع..”بينما يراقب العالم ما يحدث”.
واستعرضت “دوتن” – أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي – الأوضاع الإنسانية المتردية في القطاع، مبينة أن “غزة أصبحت موطناً لأكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في التاريخ الحديث”.
وواصلت: كل يوم يفقد 10 أطفال إحدى الساقين أو كليهما، مشيرة إلى أن “احتمالات أن تتعرض النساء الحوامل للإجهاض تزداد بمقدار 3 مرات، وأكثر عرضة بثلاث مرات للوفاة بسبب الولادة”.
وأبدت قلقها العميق إزاء مشاريع القوانين المطروحة في إسرائيل حالياً لوقف أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى “أونروا”.. محذرة من أن هذا الوضع سيكون “كارثياً على تقديم المساعدات والخدمات الأساسية لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية”.
وعرضت مسئولة (أوتشا) – أمام مجلس الأمن – العراقيل الإسرائيلية أما دخول الإمدادات الأساسية والإنساني.. وتابعت: إن العاملين في مجال الإغاثة لا يستطيعون إيصال سوى قدر ضئيل من المساعدات الإنسانية عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية.
ورت تفاصيل المعاناة الإنسانية للفلسطينيين في غزة.. بالقول: يعانون من الصدمة والجوع، ويحفرون بأيديهم العارية في الأنقاض بحثاً عن أحبائهم، وهم يشعرون بالإحباط بشكل متزايد إزاء فشل المجتمع الدولي في وقف “الأعمال العدائية”.
وقالت إنه على مدار العام الماضي، أثرت أوامر التهجير “المتواصلة” التي أصدرتها إسرائيل على ما يقرب من 84 في المائة من أراضي غزة، وحوالي 90 في المائة من السكان نازحون داخليًا.
وعن الوضع في الضفة الغربية، أبدت مسئولة (أوتشا) قلقها العميق إزاء تدهور الوضع في محافظاتها وبلداتها ومدنها.. حيث أدت “العمليات العسكرية” الإسرائيلية و”عنف” المستوطنين – خلال العام الماضي – إلى ارتفاع حاد في عدد الضحايا والدمار واسع النطاق والنزوح القسري.
وشددت على أن استخدام القوة المميتة في الضفة الغربية يجب أن يتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير التي تحكم تنفيذ القانون، داعية إلى الاحترام الكامل للقانون الدولي والامتثال لقرارات مـحكمة العدل الدولية.
من جانبه، قال مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع إن الإحاطتين “المروعتين” من “أوتشا” و”أونروا” سلطتا الضوء على حقيقة آلة الحرب الإسرائيلية التي لا ترحم، بما في ذلك في شمال قطاع غزة، حيث تشن إسرائيل عدوانا عسكريا وحشيا ضد الشعب الفلسطيني هناك.
وشدد مندوب الجزائر – في كلمته خلال جلسة إحاطة بمجلس الأمن الدولي حول “الوضع في الشرق الأوسط؛ بما في ذلك قضية فلسطين” – على ضرورة تحرك مجلس الأمن “بشكل حازم” للمحافظة على ما بقي من مصداقيته وفرض وقف إطلاق النار في غزة، في ظل “استعمال اسرائيل التجويع كسلاح حرب”.
وقال مندوب الجزائر – خلال الجلسة التي عقدت بناء على طلب من بلاده وسلوفينيا – إن اسرائيل تعمل على قتل الفلسطينيين في القطاع ببطء، عبر تجويعهم من خلال تكثيف الحصار وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية.. لافتا إلى أن أرقام الأمم المتحدة تشير إلى وصول 52 شاحنة فقط يوميا، والتي تمثل الحد الأدنى منذ شهر نوفمبر من العام الماضي، من المساعدات التي تصل إلى غزة، مع العلم أن 500 شاحنة كانت تصل يوميا، قبل 7 أكتوبر 2023 وأن 96 في المائة من سكان غزة يواجهون الأزمات وأسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي.
وأضاف أنه “في خضم هذه الكارثة لم يستثن الطواقم الإنسانية، حيث إن 222 من موظفي الأونروا قتلوا، وثلثا مقراتها دمرت جزئيا أو كليا”، مؤكدا أن “أونروا” حجر الأساس في العمل الإنساني لا سيما في غزة، وعلى مدى سنوات أوضحت السلطات الإسرائيلية رغبتها في تفكيكها لأنها ترمز للاجئين الفلسطينيين وحقوقهم غير قابلة للتصرف.
وأكد ابن جامع أن القوة العسكرية لن تأتي بالأمن ولا الاستقرار، وأن الاحتلال الإسرائيلي لن يدوم والأمن في الشرق الأوسط لن يستتب إلا من خلال حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه، مشيرا إلى أن ذلك يتحقق من خلال “إنهاء احتلال الأراضي العربية.. فعلى المجلس الأمن السعي إلى تحويل الهدف إلى حقيقة ملموسة، وإذا لم نتصرف الآن سوف يغرق الشرق الأوسط في حرب غير مسبوقة”.
وقال إن أكثر من 42 ألف شخص استشهدوا – يمثل النساء والأطفال 60 في المائة منهم – إضافة إلى إصابة حوالي 100 ألف فلسطيني، بعضهم أصيب بإعاقات مدى الحياة، معربا عن صدمته لكون 6 في المائة من سكان غزة استشهدوا أو أصيبوا خلال السنة الماضية وحدها.
وتابع: إن جيش الاحتلال الاسرائيلي أباد في القطاع، ما يربو عن 900 أسرة حيث تم محوها كليا من السجل المدني، و 17 ألف طفل بات دون مرافق، إضافة إلى تدمير 66 في المائة من المباني والبنى التحتية، ليشير إلى أن “مدن القطاع تحولت إلى مدن أشباح، مشاهد تذكرنا بنهاية العالم، وهي فضيعة جدا”.
بدورها، قالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد إنه “من غير المقبول أن يكون عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة خلال شهر سبتمبر هو أدنى إجمالي شهري منذ بدء الحرب، ودعت إسرائيل إلى عكس مسارها على الفور”.
وأوضحت أن المساعدات الإنسانية لا تصل إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها، وخاصة في شمال غزة، والتي تتعرض لخطر الانقطاع التام، لافتة إلى أن إسرائيل يجب أن تفعل “أكثر من ذلك بكثير” لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين.
وأشارت إلى أن المملكة المتحدة تشعر بالقلق من أي جهود لتقويض الأمم المتحدة أو الأونروا التي تلعب دورا لا غنى عنه، مضيفة أن المملكة المتحدة تدعم بشكل كامل الأمين العام للأمم المتحدة والأونروا والأمم المتحدة على نطاق أوسع في مهمتها لتحقيق السلام من خلال الدبلوماسية والعمل الإنساني.
وحثت السفيرة البريطانية، إسرائيل وحماس على العودة إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل إلى “وقف فوري لإطلاق النار”.
من جانبها قالت السفيرة الأمريكية ليندا توماس جرينفيلد إنه على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة لإنهاء الحرب؛ فإن الصراع في غزة لا يزال يلحق معاناة هائلة بالمدنيين الفلسطينيين في القطاع ويزعزع استقرار المنطقة.
وأضافت: “لقد قُتل عشرات الآلاف في صراع لم يبدأوه ولا يمكنهم إيقافه”، مؤكدة على التأثير “الوحشي” للقتال على الأسر والأطفال وكذلك الرهائن “الذين يواصلون النضال من أجل البقاء على قيد الحياة في بؤس وظلام الأنفاق”.
وأوضحت أن الوقت قد حان “لإبرام اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار، بما يتفق مع القرار 2735 لإعادة الرهائن إلى ديارهم، والسماح بزيادة المساعدات الإنسانية، وضمان أمن إسرائيل في هذه الحرب والتحرك نحو حل الدولتين”.
وشددت على ضرورة مواصلة العمل من أجل التخفيف من الأزمة الإنسانية “التي تتكشف أمام أعيننا”، مؤكدة أن “تدفق المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية المتعددة إلى المدنيين الفلسطينيين هو أمر ضروري للغاية ويجب السماح به”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)