#
مكتبة الإسكندرية تشهد ختام فعاليات القمة العالمية الرابعة للكتاب

مكتبة الإسكندرية تشهد ختام فعاليات القمة العالمية الرابعة للكتاب

شهدت مكتبة الإسكندرية اليوم السبت اختتام فعاليات القمة العالمية الرابعة للكتاب في الفترة من 6 – 7 نوفمبر 2015. والذي قد افتتحه بالأمس حلمي النمنم؛ وزير الثقافة، والسيدة جنيفر نيكلسون؛ أمين عام الإتحاد الدولي لجمعيات المكتبات، الإفلا IFLA، والدكتور خالد الحلبي؛ رئيس الإتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، أعلم AFLI، والسيد جون تسيبي؛ رئيس الإتحاد الإفريقي لجمعيات المكتبات والمعلومات الأفليا AfLIA، والدكتور رؤوف عبد الحفيظ هلال؛ رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب المصرية.

وبدأت فعاليات اليوم الختامي للمؤتمر بجلسة بعنوان “الكتاب والتبادل الثقافي” برئاسة د. سهير الشامي؛ أستاذ بقسم اللغة الفرنسية، كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، وتناولت الجلسة في مجملها دور الترجمة في بناء الدولة القومية في مصر الحديثة منذ القرن التاسع عشر، وعن عدم إمكانية إيقاف التقدم الثقافي والعلمي، وتحدث فيها أيضًا الدكتور أحمد يوسف؛ كاتب وعضو المجمع العلمي المصري، عن شخصية الشيخ المسيري السكندري في مراسلات بونابرت في مصر، موضحًا أنه اكتشف هذا الموضوع بالصدفة عندما كان يعمل على رسائل نابليون بونابرت.

وأشار إلى أن عائلة الشيخ المسيري ترجع أصلها إلى القرن السادس عشر بمحافظة البحيرة، وتوجد أيضًا في تونس والمغرب، وكان تخصصها هو التجارة مع الأجانب، وأن الشيخ المسيري؛ عالم الأزهر كان يعيش في منزل صغير وهو موجود حتى الآن في شارع “وكالة اللمون”.

وأوضح أن نابليون بونابرت كان يود أن يضع شيخ أو إمام لديوان علماء الإسكندرية، وكان كل شيوخ الأزهر اقترحوا عليه أن يذهب هو إلى الإسكندرية ويرأس الديوان بنفسه حتى استقبل خطاب كليبير عن شخصية المسيري وعن علمه وشجاعته؛ فقرر أن يعين الشيخ المسيري رئيسًا لديوان علماء الإسكندرية.

وأكد “يوسف” أن المشكلة التي كانت بين الشيخ المسيري ونابليون بونابرت تكمن في أن المسيري كان ينتمي إلى عائلة تهتم بالتجارة والتعامل مع الإنجليز، وأن نابليون بونابرت قد أمر كليبير مراقبة الشيخ المسيري، وأن الشيخ المسيري وضح لنابليون بونابرت أهمية التبادل التجاري والثقافي مع الأجانب والإنجليز، وأن الإسلام لا يمكن أن يكون وسطيًا ومعتدلاً إلا من خلال التعامل مع أوروبا من خلال التبادل التجاري والثقافي.

وناقشت الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان “الكتاب الإلكتروني أم الكتاب المطبوع”، فهم خصائص الكتاب الإلكتروني التفاعلي، وتغيّر واجهات القراءة، وتحدثت فيها أيضًا الدكتورة إيلينا ريليان – الجامعة الأوروبية، عن الاعتبارات النفسية والتربوية في استخدام الكتاب الرقمي وتطوره، مشيرة إلى أن العولمة و تكنولوجيا المعلومات والاتصالات قامت بإدخال تغييرات في التعليم أدت إلى استخدام مبادئ مختلفة عن الماضي في مناهج التعليم، وأن كثير من الطلبة في المدارس يدرسون عن طريق التكنولوجيا، ولذلك لابد من دعم مبادرات التعليم بالطريقة الرقمية.

وأكدت “ريليان” أنه يجب التدريب على التعليم بالطريقة الرقمية منذ الطفولة، وتدريب المدرسين على كيفية استخدام الكتب الرقمية؛ حيث أن الكتب الرقمية لابد أن يحدث تفاعل بينها وبين القارئ من خلال التصميم، والاعتماد على أفضل الممارسات في وضع المناهج، وأيضًا التقدم في استخدامات وتطوير الكتب الرقمية.

وأشارت إلى أن أحد المشاكل التي تواجه الكتاب الرقمي هي الكتاب المتعدد الأنماط؛ فهناك الكثير من المصطلحات التي تسبب الالتباس بالنسبة للكتب الإلكترونية يجب إزالتها.

وأوضحت “ريليان” أن الكتب الرقمية هي عبارة عن خليط من كتب المراجع وكتب الحالات وكتب التمرين وكتب إعطاء الإرشادات والتي تتضمن أنماط متعددة.

وأوصت “ريليان” في نهاية حديثها بتطوير موجة جديدة من الكتب الدراسية؛ لتأخذ الطابع الرقمي مع الوضع في الإعتبار تدريب الطلاب عليه منذ الطفولة لكي يستطيعوا استخدامه في جميع المراحل التعليمية، وكذلك تدريب المدرسين عليه، وأنه يجب الاهتمام ببعض المبادئ التي تتعلق بتصميم الكتب، والمردود للمحتوى، ويجب أيضًا أن نأخذ الناحية الإدراكية لهذه النظم في العملية التعليمية.

وتحت عنوان “قضايا الكتاب في العالم العربي” أُقيمت حلقة نقاشية برئاسة الدكتور عماد أبو غازي؛ وزير الثقافة السابق، وأستاذ الوثائق، كلية الآداب، جامعة القاهرة. تحدث خلالها السيد محمد علي فرحات الصحفي بجريدة الحياة عن أن الكتاب في صورة الشعب وفي صورة الأمة، وصورة الروح الجماعية الحرة للشعب في عمله ونضاله وذكرياته وأخلاقه واحتفاله بالحياة، أي أن الكتاب هو ثقافة الأمة وصورتها أمام نفسها والعالم.

وأشار “فرحات” إلى أن الكتاب العربي غالبًا نتاج فرد أكثر مما هو نتاج جماعة، فهو كتاب فرد ليقرأه فرد، فإذا قرأته جماعة وأعادت قراءته جيلاً بعد جيل فهي تقدس واضع الكتاب وتمنع نقده، وتضم صاحب الكتاب غلى الاولياء الصالحين الذين لا يأتيهم الخطأ، والذين تصلح أفكارهم للاعتماد في زمان ومكان. ويصير الكتاب كلاسيكياً في أحسن الأحوال، وفي أسوأها يصير عائقًا أمام وعي الحاضر والتفكير بالمستقبل بدعوى أنه كتاب ما بعده كتاب.

وأكد فرحات “أن صناعة الكتاب شكلاً هي مهمة الناشر، ولكن للناشر مهمة أخرى بدأ الأكثرون يهملونها حتى تراجع الكتاب العربي إلى حد بعيد في أيامنا الحاضرة وهي الإشراف اللغوي المعرفي على الكتاب الذي يصدره، ويتم ذلك بالتعاون مع الناشر وبالتراضي بين الطرفين على سيادة الصواب اللغوي والحقيقة المعرفية، وأن هناك دور نشر قليلة لها مستشارون يشرفون على اصدارتها لكن الغالبية لا تعتمد”.

وأوضح أن الكتاب العربي يخضع لثلاث رقابات، رقابة ذاتية من المؤلف والناشر، وحكومية من لوائح الدولة، وشعبية من التيارات الجماهيرية السائدة والأمينة، والأخطر فيهم هي الرقابة الذاتية التي تحد من شخصية الكاتب؛ فيصير محترف تأليف ويتراجع ابداعه ونقده، وربما يتساوى هنا حضوره وغيابه. ورقابة الناشر تراعي شروط توزيع الكتاب وتوصيله إلى القارئ كأنه سلعة لابد أن تعبر الجمارك لتصل إلى السوق، ورقابة الحكومة والشعب القارئ متسامحة، وأن الخطر يكون من رقابة الذات المبدعة والناشر المحافظ.

وفي كلمته أشار الدكتور خالد عزب؛ رئيس قطاع المشروعات والخدمات المركزية بمكتبة الإسكندرية، أن صناعة الكتاب في الوطن العربي تواجه صعوبات جمة منذ العام 2011 حتى الآن، وإن كانت شهدت نموًا مطردًا في دولة كالجزائر نتيجة برنامج وزارة الثقافة الجزائرية الذي يدفع بحركة النشر بصورة كبيرة خاصة عند الاحتفاء بمدن كالجزائر وتلمسان وقسنطينة كعواصم ثقافية أو عبر تحفيز القراءة على الصعيد الوطني أو من الجامعات الجزائرية التي باتت معنية بحركة التزويد.

وأكد “عزب” أن هناك إشكالية كبيرة في حركة النشر في العالم العربي تتمثل في العلاقة بين مضمون ما ينشر وحجم ما ينشر وطبيعة النشر ذاته. وإن الحراك الذي حدث مع بداية القرن الحادي والعشرين والمرتكز على الرواية بشكل أساسية كمصدر لحراك النشر، إنما قام على عدة معطيات أبرزها التفاعل عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ فأجيال الكتاب الجدد نجحوا في بناء شبكة للدعاية لهم والترويج لأعمالهم عبر هذه الشبكات، بغض النظر عن مضمون إنتاجهم والذي يصل في بعض الأحيان إلى التعبير عن خواطر شخصية، حتى إن دور النشر العربية الكبرى نشرت مدونات على الإنترنت، واجتذبت شبابًا لهم صفحات رائجة وعدت هذا نجاحًا كبيرًا.

وأوضح “عزب” أن الكتاب الجامعي يمثل النسبة الأكبر من حجم الكتاب العلمي إذ يمثل حوالي 90% من حجم الكتاب العلمي العربي، وإن كان يهدد هذا المجال اتجاه الجامعات نحو التعليم الرقمي خلال السنوات القادمة، فضلاً عن أن العديد من الخدمات التعليمية والدوريات في مجالات كالطب والكيمياء والهندسة تقدم بسهولة عبر شركات دولية تتيح خدماتها باشتراكات للجامعات والمكتبات.

وأشار “عزب” إلى أن الترجمة تمثل مقياس لمدى تفاعل أي مجتمع مع العالم المحيط وكذلك مقياس لمدى طموح هذا المجتمع لنمو المعارف والعلوم فيه، بل وقدرته على ملاحقة الجديد في كافة مجالات العلوم، فالترجمة تجدد البنية الذهنية للمواطن العربي، وتطمح كل بلدان العالم النامي إلى نقل كم متزايد من المعارف والعلوم إلى لغاتها.

وبدوره أشار الدكتور حسن الوزاني؛ مدير الكتاب والخزانات والمحفوظات، وزارة الثقافة المغربية، إلى أن وضعية قطاع الكتاب بالمغرب ترتبط بثقل الجانب التاريخي الذي يتسم بشكل مفارق من جهة بالحركة التي عرفها الإنتاج الثقافي المغربي خلال مراحله التاريخية الطويلة، ومن جهة أخرى بتأخر ظهور مكونات القطاع بمفهومها الحديث.

وأوضح أن الثقل الاقتصادي يظل لقطاع الكتاب بالمغرب محدوداً مقارنة مع القطاعات الاقتصادية الأخرى.

وفي هذا الإطار حققت مجمل مكونات مجال النشر والطباعة سنة 2013 إنتاجًا يتجاوز 328 مليون دولار ووصل رقم المعاملات إلى حوالي 357 مليون دولار، وذلك من خلال اشتغال 500 مؤسسة نشر ووحدة مطبعية.

وفي نهاية حديثه أكد “الوزاني” أن قطاع توزيع الكتاب بالمغرب يتسم بتوزعه على نظامين أساسين. يتجلى الأول في شبكة التوزيع المهني، وتحتفظ بمحدودية مكوناتها وبغياب المنافسة الذي طبعها خلال فترة طويلة، كما تتسم بتركيز اشتغالها من جهة على الكتاب المدرسي والأجنبي، ومن جهة أخرى على الصحافة المكتوبة. أما الثاني فيتجلى في التوزيع الذاتي المعتمد سواء من طرف الكٌتاب أو عددٍ من دور النشر.

جدير بالذكر أن “القمة العالمية للكتاب” تعد من المبادرات الهامة التي أطلقتها مكتبة الكونجرس وبرعاية من اليونسكو؛ للتأكيد على أهمية الكتاب والمكتبة في الحفاظ على الهويات الثقافية الوطنية، والحضارة الإنسانية.

2015-11-08