فى مثل هذا اليوم رحل إسماعيل ياسين .. أبو ضحكة جنان
فى مثل هذا اليوم رحل عن عالمنا صاروخ الكوميديا فى زمن الفن الجميل النجم إسماعيل يس، صاحب الفضل فى زرع البسمة والبهجة على أوجه مختلف الأجيال.
استطاع إسماعيل يس أن يقدم أعمالاً خالدة على مر التاريخ، فهو أحد الفنانين القلائل الذين نجحوا فى إسعاد الناس ولكنه فشل فى إسعاد نفسه فلقب بالمضحك الحزين.. وفى خلال السطور التالية سوف نستعرض لكم أهم المواقف السعيدة والحزينة التى مر بها سمعة.
لا يعلم الكثيرون أن إسماعيل يس عاش طفولة قاسية منذ ولدته عام 1912، حيث إنه اضطر للعمل مناديًا أمام محل لبيع الأقمشة، بعد أن سُجن والده نتيجة تراكم الديون عليه، هذا بالإضافة إلى أنه عمل صبيًا فى أحد المقاهى بشارع محمد على وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية، كما عمل مناديًا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.
وبعد عدة سنوات لم يجد ما يكفيه من المال، فاضطر إلى أن يعمل وكيلاً فى مكتب أحد المحامين باحثًا عن لقمة العيش. أمنية سمعة التى لم يستطع تحقيقها ولم يكن عمل إسماعيل يس وكيلاً فى مكتب أحد المحامين، هى أمنيته التى ظل يحلم بها طوال فترة صباه، ولكن هناك أمنية ظلت تسيطر عليه وهى حلمه فى أن يصبح مطربًا، وكان يظن إسماعيل أن صوته جيد، لدرجة أنه كان يتخيل أنه سينافس العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، لكنه عرف حقيقة صوته، ولكن ظل فكره المغنى تسيطر عليه بدرجة كبيرة حتى أصبح من أكبر المونولوجست فى مصر آنذاك الوقت، ومن هنا بدأ مشوار سمعة نحو العمل فى السينما حيث إنه استطاع يلفت نظر مختلف المنتجين والمخرجين الذين أمنوا بموهبته فى مجال الكوميديا.
وارتبط إسماعيل يس بأسماء الأفلام كنوع من أنواع ضمان نجاح الأفلام وإقبال الجماهير عليها نتيجة لشهرته الواسعة التى حاز عليها فى ذلك الوقت. وتربع على عرش الكوميدية لمدة 10 سنوات، ولقى إعجابا كبيرا من النقاد والجماهير، ومن ضمن الأفلام السينمائية التى اقترنت باسمه مغامرات إسماعيل يس، إسماعيل يس فى مستشفى المجانين، إسماعيل يس فى دمشق، إسماعيل يس طرزان، إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة، إسماعيل يس فى البوليس.
وفى حوار جمع إسماعيل يس والفنانة الكوميدية زينات صدقى نشرته إحدى المجلات الفنية، ألقى إسماعيل يس على زينات “نكتة” قال فيها:
“تعرفى يا زينات حكاية الراجل اللى مراته ضاعت منه وراح ينشر إعلان عنها فى الجريدة وأداهم أوصافها؟ لا يا خويا يا إسماعيل احكيها لى، قال لهم شعرها أصفر زى الدهب، وعينها زرق وبقها مسمسم.. وحلوة قوى.. قوى، وبعدين يا خويا، وبعدين سألوه الوصف ده مضبوط، قال لهم لا مش مضبوط، يا ندامتى معرفش يوصف مراته ولا ايه، أبدًا يا عبيطة أصل مراته كانت وحشة قوى، وانتهز الفرصة وقال إنها حلوة، علشان اللى يرجعها له يرجع له واحدة حلوة”.
مواقف سمعة بزعماء السياسية بدأت علاقه بالسياسة عندما تعرض لموقف عصيب مع الملك فارق فهو من ضمن القصص التى لا تنسى، ففى إحدى المرات دعا الملك فاروق الفنان إسماعيل يس إلى استراحته الملكية، لتقديم مجموعة من النكات والمونولوجات.
بدأ إسماعيل يس رواية، وكانت أول نكتة قالها للملك فاروق: “مرة كان فى واحد مجنون زى حضرتك”، فتفاجأ الملك وغضب، ورد عليه قائلاً: “أنت بتقول إيه يا مجنون؟”، فارتبك إسماعيل وسقط على الأرض متظاهرًا بالإغماء.
بعدها غادر الملك فاروق القاعة غاضبًا، وأرسل لإسماعيل طبيبه الخاص يوسف رشاد، وعندما كشف عليه وأدرك حالة الارتباك الشديدة التى يعانى منها، حاول تمرير الموقف من خلال إقناع الملك فاروق بأنه يعانى من حالة عصبية تجعله يفقد الوعى للحظات.
ومن هنا قرر الملك إرسال إسماعيل إلى مستشفى الأمراض العقلية، لتلقى العلاج هناك وبالفعل مكث إسماعيل بالمستشفى لمدة عشرة أيام، وتلقى إسماعيل العلاج على نفقته الخاصة. وعن آخر ما جمعه مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، حينما أرسل إسماعيل يس خطابًا إلى الرئيس الراحل عبد الناصر شرح فيه ما يعانيه وأنه تعب من عدم العمل، بعد أن خرج من مستشفى ووجد نفسه عاطلاً عن العمل. وكانت نص الرسالة هى “أرجو أن أعود للعمل.. فالعمل هو صحتى وحياتى، وألا يكون هناك حكم بالإعدام ضدى فأموت.. عاطلاً.. بائسًا.. تملأ الدموع عينى بعد أن ملأت قلوب الناس بالأفراح”.
وكانت آخر علاقات سمعة مع الرئيس الراحل أنور السادات الذى كرمه باعتباره ذات القيمة الفنية غير المسبقة فى تاريخ السينما المصرية، لكن إسماعيل رحل فى صمت عام 1972 قبل أن يحصل على هذا التكريم الذى كان من الممكن أن ترفع من روحه المعنوية التى انكسرت فى أواخر حياته.
وفى أواخر أيام حياته تعرّض سمعه إلى مآسٍ عديدة، منها إفلاسه المادى، حيث كانت تلاحقه مصلحة الضرائب لمطالبته بمتأخرات أرباحه عن الأعوام السابقة، كما حجزت على “عمارته”، فانهار كل ما بناه، وتخلى عنه أصدقاؤه المقربون من المنتجين الذين جنوا من وراء ضحكاته أموالًا طائلة، وظل يصارع المرض حتى توفى فى 24 مايو 1972.
المصدر: وكالات