#
بالصور..شيخ الأزهر للشباب: كونوا على مستوى المسؤولية التي تقع على عواتقكم

بالصور..شيخ الأزهر للشباب: كونوا على مستوى المسؤولية التي تقع على عواتقكم

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مخاطبا الشباب في لقائه المفتوح بطلاب الجامعات المصرية بجامعة القاهرة: لا ينبغي أن تذهلوا عن ميراثكم الحضاري الذي تتميزون به عن بقية شباب العالم أوتتناسوا معدنكم النبيل الذي تضربون بجذوره في قديم الأزمان والآباد، أو تاريخكم العريق الذي صنعكم وصنعتموه، فأنتم – شباب مصر!- من بين سائر شباب العالم، تسندون ظهوركم إلى حضارات أصيلة تجري في دمائكم وعروقكم وهي: حضارة قدماء المصريين، والحضارة المسيحية في مصر، والحضارة الإسلامية والعربية.

وأكد الطيب أن البتر المتعمد بين التراث والمعاصرة، كان سببًا في خلق أجيال حديثة تنتمي إلى تغيرات الزمان وتبدلات المكان، بأعمق مما تنتمي إلى فلسفة المبدأ والأنموذج، بعد أن محت هذه الأجيال من ذاكرتها تراث القرون الوسطى بكل كنوزه العلمية والمعرفية، وبكل آثاره التي لم تعد تمثل شيئًا ذا بال في خيالهم وذاكرتهم.

موضحا أن الحضارة الإسلامية، التي هي أحدث الحضارات الشرقيةِ، وأعمقُها أثرًا في نفوسنا، تشبه المثلث المتساوي الأضلاع، هذه الأضلاع هي: الوحي الإلهي، والعقل المنضبط بالوحي، والأخلاق.

وأضاف الإمام الأكبر أن حفظ نصوص القرآن في السطور وفي الصدور مكن لروح الحضارة الإسلامية أن تظل صامدة في معارك التطور، وأن تبقى على قيد الحياة حتى يوم الناس هذا، رغم ما أصابها من تراجع وتقهقر، ورغم ما يُوجَّه إليها من ضربات قاسية، من الداخل ومن الخارج على السواء.. ولو أن أمة أخرى تعرضت حضارتها لما تعرضت له حضارة المسلمين لتلاشت وأصبحت في ذمة التاريخ، منذ قرون عدة.

موضحا أن «العقل» بكل معانيه ولوازمه مرتبط بالعلم والمعرفة، ليمثل في هذه الحضارة الأساسَ الذي اتكأت عليه نصوص الوحي الإلهي قرآنًا وسُنَّة، وعوَّل عليه القرآن الكريم تعويلًا كاملًا في خطاب الناس وتكاليفهم بشريعته وأحكامه.

وأشار فضيلته إلى أن الأخلاق في الإسلام ثابتة، لا تتحرك ولا تتطور مع منطق الأغراض والمصالح، أو منطق القوة والتسلط، أو غير ذلك مما يحكم البناء المعرفي الخلقي في حضارات أخرى ويسكنها حتى النخاع، ومن هنا كان من المستحيل أن يأتي على المسلمين زمن يُقْدمون فيـه على السطو على الآخر، أو يبررون قتله، أو صراعه أو إخضاعه لإرادة غيره، فالقبيح في ميزان الأخلاق الإسلامية قبيح إلى آخر الزمان، والحسن كذلك حسن إلى آخر الزمـان.

وأن العــبادة في الإسـلام لا تغني عن الأخلاق حتى وإن كثرت وبلغت عنــان الســماء، والعبادات في الإسلام إذا لم تستند إلى ركائز خلقية فإنها تصبح في مهب الريح.

مؤكدا أنه على الشباب أن يتحركوا، وأن يفكروا، وأن يعْلَموا، وأن يدركوا الحدود الفاصلة بين العقل المستضيء بنور الوحي الإلهي ونصوصه الصحيحة الثابتة، والعقل الجامح الذي يدمر في طريقه كل شيء، واعلموا أن للعقل مجالاً، وللوحي مجالًا آخر، وأن الخلط بينهما، أو الاعتماد المطلق على أحدهما في مجال الآخر، لا يؤدي إلَّا إلى الاضطراب.. وأن الجموح العقلي أو الفكري إنما يكون بسبب سقوط الحدود الفاصلة بين هذين المجالين

وقال شيخ الأزهر مخاطبا الشباب: يجب عليكم أيها الشباب أن تكونوا على مستوى المسؤولية التي تقع على عواتقكم، وأن تكونوا على ذكر دائم لأمانة الوطن التي ستلقون بها ربَّـكم، وأنتم مسؤولون عنها لا محالة ولا مفر ولا جدال في ذلك

وأضاف: عليكم أيها الشباب أن توطنوا أنفسكم على قراءة الواقع قراءة رشيدة وأنتم تتصدرون لحل هذه المشكلات، ولا مفر لكم من أن تديروا ظهوركم للحلول التي لم تعد صالحة لمواجهة التحولات والتحديات المعاصرة.. فالجريُ وراء الوظيفة الحكومية والتشبث بها، وضياعُ زهرة العمر في انتظارها، والنفور من العمل اليدوي، وعبادة الشكل والمظهر، والركون إلى الدّعة والراحة.. كل هذه موروثات يجب التخلي عنها إذا أردنا أن نتحرك بالمجتمع المصري نحو العمل والإنتاج والعدالة الاجتماعية المنتظرة والمساواة المنشودة.

وطالب فضيلته الشباب قائلا: احرصوا على أن تكون صحيفتكم الوطنية بيضاء نقية في سجلات التاريخ، واحرصوا على أن تذكركم الأجيال القادمـة بالثناء والعرفان بالجميل، كما نذكر نحن -الآن-شباب مصر في القرن الماضي بالإعجاب والتقدير لصموده في وجه الاستعمار، وإبطال خطط المتربصين والمفسدين في أرض مصر آنذاك. فقفوا إلى جوار مصلحة هذا البلد الذي نأكل ونشرب من خيراته، ونتعلم ونسرح ونمرح على ثراه، ولا تكونوا من الذين يأخذون من مصر بأيمانهم ويطعنونها من الخلف بشمائلهم، فما هكذا الرجال، وما هكذا أهل المـروءة والوفـاء.

ثم طالب الإمام الأكبر المسئولين أن يشاركوا الشباب في تقشفه وفي معاناته، وأن يقاسموه همومه وآلامه، بخطط عملية، بعيدة كل البعد عن الشعارات التي لا تقول شيئًا، والتي يسخر منها الشباب، ولا يجد فيها فائدة تمس حياتهم أو تغير من واقعهم

أتمنى على الأثرياء والمستثمرين أن لو استثمروا أموالهم في التقليل من معاناة الشباب، والأخذ بأيديهم نحو نهضة حقيقية يلمسون آثارها لمسًا مباشرًا، وكم تساءلت في عتاب وارتياب أيضًا: لماذا لا يستثمر القادرون أموالهم في بناء وحدات سكنية بأجرة قليلة لتمكين الشباب الرقيق الحال من الاستقرار النفسي ومن بناء أسرة صغيرة.

مؤكدا أن التنظيمات الإرهابية المسلحة صُنعت صنعًا لحاجة في نفس يعقوب، وقد صار اللعب الآن على المكشوف، وظهر ما كان بالأمس مستخفيًا

الأزهر الشريف يسعده كثيرًا أن يفتح أبوابه لإسهاماتكم الفكرية، واقتراحاتكم المستنيرة، من أجل دعم رسالته في نشر ثقافة السلام الاجتماعي على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وفي تأكيد الأخوة الإنسانية والزمالة العالمية، وكذلك في ترسيخ المفاهيم الصحيحة للدين والشريعة في عقول الناشئة لحمايتهم من استقطاب الفكر المنحرف ودعوات الغلو والتطرف والقتل وحمل السلاح في وجه الآمنين والمسالمين

 

449A0015-copy 449A0035-copy1 449A0150-copy 449A0163-copy 449A0186-copy

2015-12-01