#
“اليونسكو” تحيي لأول مرة اليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات

“اليونسكو” تحيي لأول مرة اليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات

تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو ” لأول مرة اليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات 2016 ، والتي ترغب من خلاله في بث الوعي بأهمية الحق في الانتفاع بالمعلومات من أجل تحسين حياة المواطنين.

ويمثل هذا اليوم حافزا لتعزيز المبادرات التي من شأنها تعميم الانتفاع بالمعلومات لدى المجموعات السكانية وفي البلدان المتضررة من فجوات المعارف لأن التمكن من الحصول علي المعلومات والانتفاع بها أحد العوامل الرئيسية التي تتيح المضي قدما في تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030.

وكان المجلس التنفيذي لليونسكو قد اعتمد القرار 197 في دورته الـ 38 عام 2015، بناء علي طلب قدمته أنجولا والمغرب ونيجيريا باعلان يوم 28 سبتمبر يوما دوليا لتعميم الانتفاع بالمعلومات .

ويذكر بأن الحق في الانتفاع بالمعلومات جزء لا يتجزأ من الحق في حرية التعبير وفقا لما أقرت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها ١/ ٥٩ الذي اعتمدته في عام ١٩٤٦ ، ووفقا لما تنص عليه المادة ١٩من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام ١٩٤٨، والمادة ١٩ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بالاضافة إلى أن حرية تداول المعلومات عامل حاسم فيما يخص القمة العالمية لمجتمع المعلومات ، التي أكدت مجددا كون حرية التعبير وتعميم الانتفاع بالمعلومات ركنين أساسيين لمجتمعات المعرفة الشاملة للجميع .

كما يأخذ في الحسبان الجهود التي بذلتها اليونسكو من أجل إبراز جدوى وأهمية الحق في الانتفاع بالمعلومات في إعلان بريسبان بشأن “حرية الانتفاع بالمعلومات: الحق في المعرفة (٢٠١٠)، وإعلان مابوتو بشأن “تعزيز حرية التعبير والانتفاع بالمعلومات وتمكين الناس ( 2008) ، وإعلان داكار بشأن “وسائل الإعلام والحوكمة الرشيد”.

وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو في رسالتها بهذه المناسبة إلي أن أرسطو كتب في أحد مؤلفاته قبل ما يزيد علي 2000 سنة :”البشر بطبيعتهم يريدون المعرفة”، ويتطلب اكتساب المعرفة التمكن من الحصول على المعلومات ومن الانتفاع ﺑﻬا، ويندرج هذا الأمر في عداد حقوق الإنسان الأساسية وخصائص الطبيعة البشرية ، وفي عداد الأركان الأساسية لبناء اﻟﻤﺠتمعات الشاملة للجميع ونشر ثقافة الحوار وفرض سيادة القانون وإرساء الحكم الرشيد ، وفي عداد العوامل الضرورية لإيجاد سبل جديدة للتنمية المستدامة.

وأضافت بوكوفا أن هذه هي الفكرة التي تود اليونسكو إبرازها في هذا اليوم الدولي الأول لتعميم الانتفاع بالمعلومات، الذي قررت الدول الأعضاء في المنظمة إعلانه، ولذلك يعتبر التمكن من الحصول على المعلومات ومن الانتفاع ﺑﻬا أحد العوامل الرئيسية التي تتيح المضي قدما في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠، وتعزيز حقوق الإنسان وكرامته، واستئصال شأفة الفقر، وبناء مجتمعات المعرفة الشاملة للجميع.

واعتبرت أن تعميم الانتفاع بالمعلومات على قدم المساواة وسيلة فعالة لإحداث التغيير الإيجابي المنشود ، وإتاحة المزيد من لفرص للتغلب على أوجه عدم المساواة ، والوصول إلى الفئات المهمشة، وإنتاج المعارف وتشاطرها ونشرها ، واكتشاف الثقافات الأخرى، وتوطيد أركان المؤسسات الديمقراطية، مضيفة أنه يجب في ظل العولمة المتزايدة التي نشهدها في الوقت الحاضر احترام الحق في الحصول على المعلومات في جميع وسائل التواصل والإعلام، سواء أكانت مطبوعة أم إلكترونية،ويجب أن تكون الثورة الرقمية وسيلة لتحقيق التنمية عن طريق تسخير القدرة التمكينية التي تملكها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة من أجل الإدماج الاجتماعي والابتكار.

وذكرت بوكوفا أن هذا الأمر يتطلب إزالة كل العوائق التي تحول دون الانتفاع بالمعلومات، سواء كانت عوائق متعلقة بسبل الاتصال والتواصل أم عوائق متعلقة بالمهارات اللازمة لاستخدامها، وتبين ضرورة إزالة تلك العوائق أهمية سن قوانين محكمة ومتينة لحرية الإعلام ، وكذلك أهمية تطبيق هذه القوانين تطبيقا فعليا وفعالا، وقد مضى على سن أول قانون لحرية الإعلام في العالم 250 عاما ، وكان ذلك في دولتي السويد وفنلندا الحاليتين ، وفقا لما ينص عليه إعلان فنلندا الذي اعتمد في ختام الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة لعام ٢٠١٦.

وأشارت إلى أنه لكي يتطلب المضي قدما في المساعي الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة تمكين الناس كافة، رجالا ونساء من المشاركة فيها عن طريق توعيتهم و تبصيرهم بحقهم في الحصول على المعلومات ، وتحسين مهارات الادراية الإعلامية والمعلوماتية لديهم، لكي يتسنى للجميع التمتع ﺑﻬذا الحق وتسخير منافعه لتحقيق التنمية المستدامة،وتسترشد اليونسكو بالأهداف المذكورة آنفا في جميع أعمالها ومساعيها الرامية إلى مساعدة الحكومات واﻟﻤﺠتمعات على ضمان تمتع الناس كافة، رجالا ونساء بالحق في الحصول على المعلومات على أكمل وجه وعلى قدم المساواة ، إذ يعد تمتعهم ﺑﻬذا الحق أمرا ضروريا لتمتعهم بسائر حقوقهم ولصون كرامتهم وتمكينهم.

وتحد مسألة صعوبة الانتفاع بالمعلومات الجيدة من حرية وسائل الإعلام، ويمثل النقص في البنى الأساسية الخاصة بالمعلومات وفي المهارات والقدرات اللازمة للانتفاع بالمعلومات وتقييمها بحس نقدي عاملا يحد من حرية وسائل الإعلام، ولا تقتصر المشكلة على أن الكثير من الأشخاص يعجزون عن التعبير عن أنفسهم علنا، فهؤلاء الأشخاص يفتقرون أيضا إلى الموارد الإعلامية التي من شأنها أن تزودهم بما يحتاجون إليه من قدرات.

ويتجلى النقص في إمكانية الحصول على المعلومات بوجه خاص في عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى خدمات الإنترنت والحواسيب. ويفيد الاتحاد الدولي للاتصالات بأن أكثر من 60% من الأسر في العالم ليس لديها حاسوب في المنزل حتى الآن وأن 35% فقط من سكان العالم هم من مستخدمي الإنترنت ، مع الإشارة إلى أن الأغلبية الكبرى للأشخاص الذين استطلعت آراؤهم يعيشون في بلدان نامية.

وبما أن الحق في حرية الكلام وحرية الصحافة يرتبطان ارتباطا وثيقا بالحق في الحصول على المعلومات، فإنه يجب سد الفجوة الرقمية في ما بين البلدان وداخلها على سبيل الأولوية، وكثيرون هم الشباب الذين يعون تماما وجود هذا العائق.

ففي الواقع، شدد المشاركون في منتدى اليونسكو السابع للشباب الذي عقد حديثا على أن تعميم الانتفاع بتكنولوجيات المعلومات والاتصالات تحد ينبغي التصدي له على نحو عاجل، ويجب العمل على تعميم الانتفاع بالمعلومات في المناطق الريفية والنائية والجزرية بوجه خاص.

وعلى الرغم من أن المعلومات لم تصبح بعد متاحة للجميع وفي كل الأوقات، يشهد العالم بعض التطورات المشجعة، ومن الأمور الإيجابية جدا في هذا الصدد قيام الشركات بتطوير هواتف محمولة أقل تكلفة وأكثر قوة من أي وقت مضى. ويوجد اليوم ما يقارب 5.3 مليار هاتف محمول على الصعيد العالمي ، مع الإشارة إلى أن أعداد هذه الهواتف ترتفع شهرا بعد شهر.

وتشير بعض الدراسات الحديثة أيضا إلى أنه بحلول عام 2015 سيرتفع عدد الأجهزة الإلكترونية الشخصية الموصولة بشبكات الأجهزة المحمولة إلى أكثر من 5.6 مليار، وسيكون ما لا يقل عن 788 مليون مستخدم متصلين بالإنترنت من خلال الأجهزة المحمولة حصرا ، وتستخدم خدمة الرسائل القصيرة منذ فترة من الزمن لنقل أحدث الأخبار إلى الهواتف المحمولة للمستخدمين الذين ما كانوا ليطلعوا على آخر المستجدات لولا هذه الرسائل.

وترى هذه الدراسات إن استثمار هذا التطور قد يشكل وسيلة لتحسين إمكانية انتفاع أغلبية سكان العالم بالمعلومات، ولكن البنى الأساسية ليست العنصر الوحيد المرتبط بمسألة الانتفاع بالمعلومات، فمن شأن السياسات المراعية لأهمية المعلومات والتدابير المتخذة لضمان التطبيق الفعال للقوانين الخاصة بحرية المعلومات وبالحق في الحصول على المعلومات أن تحسن الانتفاع بالمعلومات إلى حد كبير، واعتمدت أشكال مختلفة لهذه القانونين أو العمل جار لاعتمادها في ما يقل عن نصف عدد بلدان العالم،ولكن ينبغي أن يشارك عدد أكبر من البلدان في هذه الجهود.

ويمكن أن يتحقق ذلك عن طريق التعاون مع المشرعين وراسمي السياسات والمجموعات ذات المصالح الخاصة لإعداد قوانين تتعلق بحرية المعلومات وبالحق في الحصول على المعلومات وفقا للمعايير الدولية والاحتياجات الوطنية، ويعد ممارسو العمل الإعلامي حليفا طبيعيا في هذا الصدد لأنهم في موقع ملائم يتيح لهم توعية الجمهور بهذه القضية، وبمقدور الحكومات أن تفعل الكثير لإتاحة المعلومات بنشاط من خلال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات.

وتتصل تحديات الانتفاع بالمعلومات أيضا بالنقص في أنشطة التدريب وبناء القدرات، ولا سيما في صفوف الشباب والنساء وكبار السن. ويجب أن تتوافر في إطار النظام التعليمي دورات تدريبية متخصصة في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، وفي مجال الدراية الإعلامية والمعلوماتية، ويجب بالتالي على الأشخاص المؤتمنين على المعلومات مثل المعلمين وممارسي العمل الإعلامي أن يكونوا على درجة عالية من الدراية الإعلامية والمعلوماتية كي يتمكنوا من تدريب الطلبة،كما ينبغي تعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية لدى الناس لتمكينهم من التمييز على نحو أفضل بين المعلومات الدقيقة والمعلومات الخاطئة التي تنهال عليهم في حياتهم اليومية.

وترسم العولمة معالم حقبة جديدة من التفاعل بين الدول والاقتصادات والأشخاص، ولكنها تنطوي في الوقت عينه على آثار سلبية يمكن أن تنجم عنها حالات تهميش، ويتعين بالتالي على المؤسسات الدولية والسلطات الوطنية المختصة أن تبحث عن الحلول المناسبة لتفادي حالات التهميش المحتملة هذه، ولا سيما فيما يخص الانتفاع بالمعلومات والمعارف، وانتشار التكنولوجيات الجديدة المتعلقة بالمعلومات والاتصالات، وتعزيز التعدد اللغوي في المجال السيبرني.

وقد اعتمدت اليونسكو توصية تقترح فيها عدة تدابير عملية لتعزيز الانتفاع بالمعارف في المجال السيبرني من أجل توجيه النقاشات والأنشطة التي تقوم بها الهيئات المختصة في هذا الميدان. وتنص التوصية على أنه ينبغي للدول الأعضاء أن تعد سياسات وطنية لتعزيز التعدد اللغوي وتعميم الانتفاع بالمجال السيبرني وأن تدعم تنفيذها. وتفيد التوصية أيضا بأن الانتفاع بشبكة الإنترنت التي تمثل مرفقا إعلاميا عاما يجب أن يشجع عن طريق اعتماد مجموعة ملائمة من السياسات.

وينبغي للدول الأعضاء بالتالي أن تعترف بالحق في الانتفاع عبر الاتصال الشبكي المباشر بالوثائق العامة وسجلات الحكومات، بما في ذلك أي معلومات يحتاج إليها المواطنون في مجتمع ديمقراطي حديث،كما ينبغي لها إنفاذ هذا الحق وتعميم الانتفاع بالمعلومات المدرجة في النطاق العام وضمان تدفقها الحر، من دون أي تمييز يقوم على اعتبارات جغرافية أو اقتصادية أو اجتماعية، ويتعين أيضاً على الدول الأعضاء والمنظمات الدولية أن تيسر اكتساب المهارات الأساسية المتعلقة باستخدام الحاسوب لمنفعة الجميع وأن تمضي قدما في تشجيع تطبيق تكنولوجيات المعلومات والاتصالات وتسخيرها لتحقيق التنمية المستدامة وإرساء السلام.

وإلى جانب ذلك، تشير الإحصاءات إلى أن المعاقين البالغ عددهم مليار شخص يشكلون إحدى المجموعات الأكثر تضررا أو 15% من سكان العالم مصابون بشكل من أشكال الإعاقة، ومن شأن تكنولوجيات المعلومات والاتصالات أن تحسن نوعية حياة هؤلاء الأشخاص إلى حد كبير بوصفها أدوات يمكن أن تساعدهم على المشاركة بقدر أكبر في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على مستوى بيئاتهم وفي المجتمع ككل عن طريق توسيع نطاق الأنشطة المتاحة لهم.

وتسهم اليونسكو في تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ولا سيما المادة 9 عن إمكانية الانتفاع بمختلف المرافق والخدمات، والمادة 21 عن حرية التعبير والحصول على المعلومات، والمادة 24 عن التعليم، والمادة 32 عن التعاون الدولي.

ويؤدي التنوع الثقافي وتعدد اللغات على شبكة الإنترنت دورا رئيسيا في تعزيز مجتمعات المعرفة التعددية والمنصفة والمنفتحة والجامعة. وفي إطار توصية اليونسكو بشأن تعزيز التعدد اللغوي واستخدامه وتعميم الانتفاع بالمجال السيبرني، تشجع المنظمة الدول الأعضاء فيها على إعداد سياسات شاملة خاصة باللغات، وعلى تخصيص الموارد اللازمة واستخدام الأدوات المناسبة لتعزيز التنوع اللغوي وتعدد اللغات وتيسيرهما في عدة ميادين، ولا سيما على شبكة الإنترنت وفي وسائل الإعلام.

المصدر : وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )

2016-09-24