النيابة في قضية التخابر: التنظيم الدولي الإخواني كلف “مرسي” بتهريب أسرار الأمن القومي إلى قطر
أ ش أ
استمعت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي, إلى مرافعة النيابة العامة, في محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و 10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان, بقضية اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة, وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية, وإفشائها إلى دولة قطر.
واستعرض المستشاران إلياس إمام وضياء عابد الرئيسان بنيابة أمن الدولة العليا, وقائع وأدلة جرائم السعي والتخابر التي ارتكبها المتهمون وفقا لخطة ممنهجة وتكليفات صدرت من قيادة جماعة الإخوان حينما استشعرت اقتراب ثورة المصريين في 30 يونيو 2013 .. مشيرين إلى أن الوثائق والمستندات التي تم تهريبها من مؤسسة الرئاسة بقصد إرسالها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة, تتعلق بأقصى درجات السرية والحساسية في كافة مؤسسات الدولة السيادية, ومن بينها القوات المسلحة وأجهزة المخابرات.
وأشارت النيابة العامة إلى أن محمد مرسي فور توليه مهام منصبه, طلب إلى أجهزة الدولة ووزارة الدفاع وقائد الحرس الجمهوري بوصفه المستشار العسكري للرئيس, بموافته بتقارير حول تنظيم القوات المسلحة وأعدادها وتشكيلاتها وعتادها وتمركزاتها, وتفاصيل تأمين شبه جزيرة سيناء, ومعلومات حول التوازن العسكري في منطقة الشرق الأوسط, ومعلومات عن إحدى الدول المجاورة وقواتها المسلحة, والمخزون الاستراتيجي لدولة أخرى, غير أن تلك الوثائق لم يتم إعادتها إلى قائد الحرس الجمهوري حتى يتسنى له حفظها وفقا للآليات المعمول بها لحفظ هذا النوع من الوثائق بالغة السرية.
وأضافت النيابة أن قائد الحرس الجمهوري السابق اللواء نجيب عبد السلام, حينما ألح على الرئيس الأسبق “مرسي” بالسؤال حول المستندات العسكرية المسلمة إليه, لإعادة حفظها, كان جزاؤه أن تم نقله من منصبه, وأعقب ذلك إصدار قرار إلى أجهزة المخابرات العامة والحربية والرقابة الإدارية ووزارة الداخلية, بأن تعرض الأوراق والثائق والمستندات على مدير مكتبه أحمد عبد العاطي, ليتولى بدوره عرضه الوثائق والمستندات عليه (مرسي) .
وذكرت النيابة أن الوثائق التي عثر عليها, تضمنت تقارير تتعلق بكيفية مواجهة الإرهابيين بشمال سيناء, بإنشاء العديد من الارتكازات الأمنية وتعزيز عتاد وتسليح القائم منها, ومعلومات عن علاقات مصر الخارجية, وتقارير حول ملف الطاقة في مصر والدول المجاورة لها, وتقارير تتضمن تحريات لهيئة الرقابة الإدارية.
وأكدت النيابة أن المتهم محمد عادل كيلاني (المضيف الجوي الذي كان مكلفا بتسليم أصول المستندات إلى جهاز المخابرات القطرية بمطار الدوحة) أكد في اعترافاته بتحقيقات النيابة, أنه علم من بقية المتهمين من أعضاء الجماعة, أن تلك الأوراق والوثائق خرجت من مؤسسة الرئاسة بمعرفة وبأوامر من محمد مرسي, وبتكليف صادر من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان, حيث صدر هذا التكليف من قيادات جماعة الإخوان, بعدما تم إخفاء تلك المستندات عن أعين أجهزة الأمن.
وأضافت النيابة أن تحريات جهاز المخابرات العامة, وجهاز الأمن الوطني, قطعت بأن المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي وأمين الصيرفي, اختلسوا الأوراق والمستندات بالغة السرية المتعلقة بأدق المسائل وأكثرها خصوصية في شأن الأمن القومي المصري والقوات المسلحة, بصورة متعمدة, لإرسالها إلى دولة قطر عن طريق بقية المتهمين, بقصد الإضرار بمركز مصر السياسي والاقتصادي والحربي.
وأوضحت النيابة أنه تنفيذا لتلك التكليفات قام المتهم أمين الصيرفي, بجمع كمية من تلك المستندات السرية في حقيبة, وأخرجها من مؤسسة الرئاسة, مستغلا أنه لا يخضع لتفتيش أمن الرئاسة, باعتبار أنه من شاغلي الوظائف العليا برئاسة الجمهورية, والذهاب بها إلى منزله بالقاهرة الجديدة, وتمرير تكليف إلى زوجته (عقب إلقاء القبض عليه) بأن تقوم ابنتهما كريمة الصيرفي بالتصرف في الحقيبة التي سبق وأعطاها إياها, على النحو المتفق عليه, بتسليمها إلى أشخاص آخرين بعينهم (من المتهمين) من أعضاء الجماعة لتهريبها إلى دولة قطر.
وذكرت النيابة أن كريمة الصيرفي, سلمت المتهمة أسماء الخطيب التي تعمل بشبكة رصد الإخوانية, حقيبة المستندات السرية, لتسليمها إلى المتهمين أحمد علي عفيفي وعلاء سبلان, العضوين بجماعة الإخوان, بقصد تسليمها إلى قناة الجزيرة ودولة قطر.. حيث أعقب ذلك في ديسمبر 2013 عقد لقاء تنظيمي في مسكن المتهم خالد حمدي عبد الوهاب بمدينة السادس من أكتوبر, ضم المتهمين الثلاثة المذكورين, حيث تم الاتفاق على تكليف المتهم محمد كيلاني بأن يقوم بتهريب الأوراق إلى قطر, مستغلا عمله كمضيف جوي.
واستعرضت النيابة عناوين المستندات التي قام المتهمون باختلاسها بقصد تهريبها إلى قطر, والتي تضمنت تقارير ودراسات ووثائق حول المصانع الحربية وانتاجها وقدراتها واختصاصاتها, وتقارير من المخابرات العامة حول ردود الفعل الدولية حول الإعلان الدستوري المكمل الصادر في نوفمبر 2013, وتقارير من وزارة الدفاع حول تشكيلات القوات الجوية وقدراتها, وتقارير حول القوات المتعددة الجنسيات المتواجدة في شبه جزيرة سيناء.
كما تضمنت التقارير التي عرضت لها النيابة, تقريرا صادر عن المخابرات الحربية, حول أعداد قوات الجيش المتمركزة في سيناء, وعتادها وتشكيلاتها, وخطط مقترحات التنمية الشامل, إلى جانب تقرير صادر من الأمانة العامة لوزارة الدفاع حول اجتماع لممثلي كافة أجهزة الأمن المختلفة, حول الأوضاع الأمنية في سيناء ومقترحات التعامل مع الإرهاب, بالإضافة إلى مذكرة تحليلية تتعلق بإحدى الدول الأجنبية وقواتها العسكرية, وتقرير حول قوات تأمين حدود البلاد.
وتضمنت التقارير المهربة أيضا التي عرضت لها النيابة, تقريرا حول شبكة الاتصالات العسكرية, ومقترحات تأمين شبكة اتصالات رئاسة الجمهورية, وتقرير آخر حول مخططات التسليح بالقوات المسلحة في مواجهة تصاعد قوة إحدى الدول المجاورة.
وأكدت النيابة العامة أن إفشاء أي من تلك التقارير, من شأنه أن يجلب أضرارا جسيمة على البلاد.. مشيرة إلى أن المتهمين من أعضاء الجماعة الذين خططوا لتهريب تلك المستندات والوثائق, اطلعوا عليها واتفقت وتوحدت إرادتهم على تنفيذ تكليفات قيادة جماعة الإخوان الصادرة بتهريب تلك المستندات, والتكسب من وراء عملية التهريب في ذات الوقت.
وأشارت النيابة إلى أن المتهم علاء سبلان, سافر في 23 ديسمبر 2013 إلى دولة قطر, حاملا معه صورا ضوئية لمجموعة من تلك الأوراق والمستندات, والتقى بالمتهم إبراهيم هلال مدير قطاع الأخبار بشبكة الجزيرة, والذي رتب له لقاءين, الأول بوزير الخارجية القطري الأسبق حمد بن جاسم رئيس شبكة قنوات الجزيرة, والثاني مع أحد ضباط جهاز المخابرات القطري, حيث طلبا منه إحضار أصول تلك الأوراق والمستندات نظير حصوله وبقية زملائه على مبلغ مليون ونصف المليون دولار أمريكي, وتم إعطاؤه دفعة مقدمة تبلغ 50 ألف دولار أمريكي في مقابل إتمام المهمة, بالإضافة إلى تعيينه بصورة دائمة لدى قناة الجزيرة بعد أن كان يعمل متعاونا من الخارج بنظام المكافأة.
وقالت النيابة العامة إن في إطار عمل المتهمين على تنفيذ المخطط, فقد قاموا بتكليف المتهم محمد كيلاني باستبدال رحلته المتجهة إلى إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في 16 يناير 2014, إلى العاصمة القطرية الدوحة, حيث كان من المنتظر أن يكون في انتظاره ضابط بجهاز المخابرات القطري لاستلام تلك الأوراق والمستندات, غير أنه تأجل الموعد بصورة مفاجئة إلى موعد آخر, قبل أن يتمكن جهاز الأمن الوطني من إحباط المخطط وضبط معظم المتهمين وأصول المستندات.
وأكدت النيابة أن جريمتي السعي والتخابر ثابتة بحق المتهمين, بركنيها المادي والمعنوي, من علم وإرادة وفعل, بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد.
وأضافت النيابة أن أدلة الدعوى قبل المتهمين, تضمنت شهادات العديد من الشهود, تقطع بارتكابهم لجرائم السعي والتخابر وقيادة والانضمام لجماعة إرهابية, من بينهم ما شهد به اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق, واللواء عادل عزب مسئول نشاط الإخوان بجهاز الأمن الوطني سابقا, وعدد من ضباط جهاز الأمن الوطني الذين باشروا التحقيق في القضية, واللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري وآخرين.
وأوضحت النيابة أن الشهود المذكورين وغيرهم, اجتمعت شهادتهم على أن جماعة الإخوان هي جماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون تحت ستار نشر الدعوة الإسلامية, وأنه تم حل الجماعة عقب قيام تنظيمها الخاص باغتيال محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء الأسبق في العهد الملكي, ثم تم حظرها مجددا عقب محاولة الجماعة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, وأن الجماعة بها أقسام عدة وأفرع في الدول التي تنتشر بها, ويحكمها تنظيم دولي ومكتب إرشاد عالمي يترأسه المرشد العام للجماعة بمصر.
وذكرت النيابة أن الجماعة تتظاهر بالعمل الدعوي, في حين أن مخططاتها التي كشفت عنها الشهود والتحريات, تستهدف السيطرة على الحكم, وأن جميع أعضاء الجماعة على علم بتلك المخططات التي تقوم على العنف والإرهاب لتحقيق غاياتها.. مشيرة إلى أن كافة الخلايا الإرهابية مثل كتائب حلوان واللجان النوعية, وغيرها تتبع جماعة الإخوان.
وأشارت النيابة إلى أن محمد مرسي وخيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان, كانا وفقا لشهادة الشهود والتحريات حلقة الوصل مع التنظيم الدولي, وأن “مرسي” تدرج في المناصب القيادية داخل جماعة الإخوان.. لافتا إلى أنه في سبيل تنفيذ مخطط الجماعة بتقويض الدولة المصرية وتعطيل أحكام الدستور, أصدر محمد مرسي قرارات بالعفو عن العديد من الإرهابيين المحكوم عليهم, وأعطى العديد من المسئولين بدولة السودان وعودا بالتنازل لهم عن مدينتي حلايب وشلاتين وجعلها تحت السيادة السودانية, وإعطاء وعود لحركة حماس بإعطائهم جزءا من أرض سيناء.
وأشارت النيابة إلى أن الوثائق العسكرية المضبوطة بحوزة المتهمين, تضمنت 16 وثيقة بالغة السرية, من بينها تقارير مخابراتية ومعلومات عسكرية, حول القوات المسلحة, إلى جانب تقارير مؤسسة الرئاسة حول علاقات مصر الدولية, بالإضافة تقارير وزارة الداخلية حول التعامل الأمني في سيناء والأحداث الطائفية.
وقالت النيابة إن اللواء أسامة الجندي مدير إدارة الأمن برئاسة الجمهورية, ذكر في شهادته أمام المحكمة, باستحالة خروج أية مستندات من المقار الرئاسية, إلا بمعرفة من كانت بحوزتهم تلك المستندات من شاغلي الوظائف العليا.. مشيرة – أي النيابة – إلى أن قواعد حفظ المستندات والوثائق بالغة الأهمية, التي تم استعراضها أمام المحكمة, أظهرت بوضوح أنه لا يجوز لأي من شاغلي الوظائف العليا, أن يقوم بإخراج أو تداول أي وثيقة أو مستند سري من تلك التي جرى تهريبها, خارج القصر الرئاسي.
كما استعرضت النيابة جانبا من شهادة الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة أمام المحكمة, بوصفه كان يشغل منصب مدير إدارة المخابرات الحربية إبان فترة تولي “مرسي” لمهام منصبه كرئيس للدولة.. حيث أكد الفريق حجازي أنه كان يتم التعامل مع محمد مرسي بوصفه رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة, وهو الأمر الذي يجيز تبادل وتداول المعلومات السرية معه بحكم منصبه, بما فيها تلك المعلومات فائقة السرية والمتعلقة بالأمن القومي المصري.
وأشارت النيابة إلى أن الفريق محمود حجازي أكد أن المعلومات التي أرسلت إلى محمد مرسي في فترة شغله للمنصب, كانت تتعلق بأسرار الدفاع وتشكيلات القوات المسلحة وأفرعها الرئيسية, وحجم قوات الجيش المصري وتعدادها.. لافتا (أي الفريق حجازي) إلى أن المعلومة الواحدة من بين المعلومات بالغة السرية التي تضمنتها تلك التقارير, تستغرق أجهزة الدول الأجنبية زمنا طويلا ومجهودا كبيرا للغاية حتى تستطيع أن تتوصل إلي جانب منها.
وأكدت النيابة أن اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق, أشار إلى أنه تم إخطاره من جهاز الأمن الوطني, بأن التحريات السرية كشفت عن أن المتهمين أحمد عبد العاطي وأمين الصيرفي, قاما باختلاس المستندات بالغة السرية, والمتعلقة بالأمن القومي المصري, بعلم وتوجيه من محمد مرسي, لتهريبها إلى دولة قطر, وفقا لتكليف من التنظيم الدولي الإخواني.
وأشارت النيابة إلى أن تحريات جهاز المخابرات العامة, أكدت أن كافة تلك الوثائق من أسرار الدفاع, وأن تداولها بأيدي غير المختصين, يؤثر بشدة على الأمن القومي المصري والعلاقات الدبلوماسية المصرية, وأنه تم تسليم صور من تلك التقارير إلى قناة الجزيرة القطرية بمعرفة المتهمين.