
أبوالغيط:تجميد المسار السياسي لحل القضية الفلسطينية جريمة بحق المستقبل
أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن تجميد المسار السياسي لحل القضية الفلسطينية يعد جريمة في حق المستقبل… مستقبل كافة الشعوب في هذه المنطقة التي تتطلع إلى الأمن والازدهار.. والشعب الفلسطيني أيضاً له الحق في أن يكون جزءاً من هذا المستقبل.. وأبناؤه يعانون من استعمار تزداد شراسته، بل وأقول تتأكد عنصريته، كل يوم.. وبينما تباشـر إسرائيل القمع والاحتلال تحت سمع وبصر المجتمع الدولي… نرصد رفضاً واستنكاراً لمنطق احتلال الأرض في مناطق أخرى من العالم.. وكأن هناك معياراً لفلسـطين ومعياراً مختلفاً للآخرين.. وليس لهذا تعريف في رأيي ســــوى ازدواجية المعايير المقيتة والكيل بمكيالين.
وأوضح ابو الغيط في كلمته في الجلسة الافتتاحية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري الدورة العادية “158”، إن الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية، بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، يظل المفتاح الأهم لاستقرار هذه المنطقة على المدى الطويل.. وتجاهل هذه القضية لا يعني اختفاءها أو انزواء ها، فهي قضية عربية حية، تحظى بالإجماع العربي بل والدولي، على مدى عقود .. وستظل قضية أسـاسـيـة لدى هذه الجامعة إلى أن تجد طريقها إلى الحل وفق مقررات الشــرعيـة الـدوليـة والقانون الدولي.
واضاف ابو الغيط قوله:” إن العالم العربي، على ما يعانيه من أزمات وبرغم ما يواجهه من تحديات.. لا زال قادراً على الاستجابة للتحديات … ككتلة إقليمية صـلبة ومتراصـة.. إننا نتطلع بكل ثقة للقمة القادمة في الجزائر في نوفمبر القادم بإذن الله.. وندعو الله أن تكون محطة مهمة في تاريخ العمل العربي المشترك.. وأن تكون سبباً للالتئام والوحدة.. وتعبيراً أصيلاً عن الرأي العام في بلادنا الذي يرغب في رؤية زعمائه وقد اجتمع شملهم وتوحدت كلمتهم.. ولأجل هذا الهدف السامي، يتحتم علينا معالجة أي خلاف، واحتواء أي مشكلة.. واضعين نصب أعيننا على الدوام المصلحة العربية العليا.. حريصين كل الحرص على متانة الرابطة التي تجمعنا”.
وفيما يلي نص الكلمة:
معالي السيدة الوزيرة نجلاء المنقوش رئيس الدورة العادية (158) لمجلس الجامعة على المستوي الوزاري
أصحاب السمو والمعالي الوزراء، السيدات والسادة،
يعيش العالم حالة خطيرة ، نلمسها جميعاً، من تلاحق الأزمات وتداخلها وتسارع وتيرتها… وما من دولة إلا وتجد نفسها اليوم في خضم هذه الأزمات بصورة أو بأخرى، مضطرة للتعامل مع تبعاتها والتجاوب مع مجرياتها.
وليس عالمنا العربي ببعيد عن هذه الأزمات ومخاطرها.. وليست دولنا العربية بمنأى عن ارتدادات شديدة نشأت بالأساس عن الحرب في أوكرانيا، وقبلها أزمة كورونا وما خلفته من تباطؤ اقتصادي واضطراب في الأسواق وسلاسل التوريد على صعيد عالمي.
لقد كشفت هذه الأزمات، من بين ما كشـفت، عن ترابط القضـايا والمشكلات في سلسلة متصلة … فالطاقة والأمن الغذائي والتغير المناخي على سبيل المثال، جميعها قضايا مترابطة لا انفصال بينها.. وهي قضايا ترتبط بالأمن العالمي، وبالعلاقات بين القوى الكبرى، صراعاً أو اتفاقاً.
إننا في المنطقة العربية ننظر إلى ما يجري على الساحة الدولية من تغيرات وتطورات من زاوية رئيسية هي المصالح العربية… كيف نصونها ونعززها وندافع عنها… ومن هذا المنطلق، ووفق تلك الرؤية، جاءت مواقفنا الجماعية من الحرب في أوكرانيا… وأعتبر أن تحركنا الجماعي تجاه هذه الأزمة الدولية الخطيرة، بما في ذلك الزيارة التي قامت بها المجموعة الوزارية لطرفي الأزمة، فضلاً عن استقبال ممثلين على أعلى مســــتوى لكلا الطرفين هنا بالأمانة العامة للجامعة للاستماع إلى وجهات نظريهما.. أعتبر أن هذا التحرك دلالة مهمة على عمق التنسيق العربي تجاه واحد من أخطر التحديات على الصعيد الدولي، وإشـارة إلى الحاجة الماسة للاستمرار في مثل هذا التنسيق في المرحلة القادمة.
إن دولنا العربية تُعاني، ولا شـك، جراء تلك الأزمة… وربما كان التراجع في أوضاع الأمن الغذائي هو أخطر ما تتعرض له المنطقة من آثار وتبعات… وللأمن الغذائي، كما هو معروف، علاقة واضـحـة بمعدلات الفقر التي تصاعدت على صعيد عالمي وفي المنطقة العربية للأسـف.. كما أن تأمين مصادر الغذاء يعد جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي : بمفهومه الشامل.
وكما يعرف السـادة الوزراء فقد طرح هذا الموضـوع على أجندة العمل العربي مؤخراً بمبادرة من دولة الكويت في يناير الماضـي.. وحظي بتأييد كافة الدول .. وقد حرصـتُ من جانبي على تكليف المنظمة العربية للتنمية الزراعية، بوصفها الذراع الفني المتخصـص والمعني بملف الأمن الغذائي، بإعداد دراسـة تكاملية شاملة حول الموضـوع.. لا تبدأ من الصفر.. وإنما تبني على الآليات القائمة والدراسات والبرامج التي سبق تداولها، والعمل عليها، في إطار العمل العربي.. ومعروض عليكم اليوم قرار في هذا الشـأن يسعى إلى بلورة استراتيجية للأمن الغذائي العربي.
ويقيني أن هذا الملف الهام سوف يحتل موقعاً متقدماً على أجندة العمل العربي المشترك في السنوات القادمة.. فهو لا يتعلق فقط بالأزمة الحالية.. وإنما ينصب أسـاسـاً على معالجة الفجوة الغذائية العربية برؤية مستقبلية تأخذ في الاعتبار جوانب الأمن القومي، والأمن المائي، والفرص الاقتصادية والتغير المناخي.. وغيرها من الموضوعات المتصلة بإنتاج الغذاء على نحو مباشر أو غير مباشر.
السيدات والسادة
لا ينبغي أن تطغى الأزمات العالمية على الأزمات المشتعلة في الإقليم، والتي ما زالت بعيدة عن الحل السياسي.. في سوريا ما زال الوضع يعاني جموداً متزايداً على خلفية تصاعد الاستقطاب الدولي، مع هشاشة الوضع الأمني وترد خطير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في كافة أنحاء البلاد.
وفي اليمن، وبرغم ما تمنحه الهدنة من فرصـة حقيقية للعمل على التوصـل إلى حل سياسـي شـامل، فإن الهوة بين مواقف الأطراف لا زالت شاسعة، والتدخل الخارجي يزيد من تصلب المواقف ويسهم في إطالة أمد هذا الصراع الذي يدفع ثمنه الشعب اليمني.
وفي ليبيا نرصـد ابتعاداً أكثر عن منطق التسـوية والحلول الوسـط، ومزيداً من الانقسام بين الأطراف على نحو بات يهدد باشتعال الصراع كما تابعنا جميعاً مؤخراً.
وفي كافة هذه الأزمات.. يظل الحل السـياسـي الخيار الوحيد الممكن لتحقيق الاستقرار، وإنهاء المعاناة الهائلة للشعوب ووقف نزيف الدم والخسائر الذي تكبدتها الدول عبر السنوات الماضية.
وفي العراق.. يتابع الرأي العام العربي ما يجري في هذا البلد المهم بقلق بالغ… لقد وئدت خلال الأيام الماضية فتنة كادت أن تلقي بالبلاد في أتون المزيد من الصراع والعنف.. ونحمد الله أن لغة العقل تغلبت قبل فوات الأوان.. غير أننا نرصد جميعاً مخاطر استمرار الأزمة السياسية.. وتطالب كافة القوى السياسية والمكونات في العراق باللجوء للحوار السياسي سبيلاً وحيداً لمعالجة الخلافات، والابتعاد عن العنف أو التهديد به.. والإبقاء على مشاكل العراق في داخل العراق.. لقد عاني الشعب العراقي كثيراً، وهو يتطلعبكل أطيافه إلى الاستقرار السياسي والأمان الاقتصادي، ويسعى لأن ينأى ببلده عن الاستقطاب الإقليمي.
السيدات والسادة،
إن تجميد المسار السياسي لحل القضية الفلسطينية يعد جريمة في حق المستقبل… مستقبل كافة الشعوب في هذه المنطقة التي تتطلع إلى الأمن والازدهار.. والشعب الفلسطيني أيضاً له الحق في أن يكون جزءاً من هذا المستقبل.. وأبناؤه يعانون من استعمار تزداد شراسته، بل وأقول تتأكد عنصريته، كل يوم.. وبينما تباشـر إسرائيل القمع والاحتلال تحت سمع وبصر المجتمع الدولي… نرصد رفضاً واستنكاراً لمنطق احتلال الأرض في مناطق أخرى من العالم.. وكأن هناك معياراً لفلسـطين ومعياراً مختلفاً للآخرين.. وليس لهذا تعريف في رأيي ســــوى ازدواجية المعايير المقيتة والكيل بمكيالين.
إن الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية، بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 67، يظل المفتاح الأهم لاستقرار هذه المنطقة على المدى الطويل.. وتجاهل هذه القضية لا يعني اختفاءها أو انزواء ها، فهي قضية عربية حية، تحظى بالإجماع العربي بل والدولي، على مدى عقود .. وستظل قضية أسـاسـيـة لدى هذه الجامعة إلى أن تجد طريقها إلى الحل وفق مقررات الشــرعيـة الـدوليـة والقانون الدولي.
وأخيراً.. أقول إن العالم العربي، على ما يعانيه من أزمات وبرغم ما يواجهه من تحديات.. لا زال قادراً على الاستجابة للتحديات … ككتلة إقليمية صـلبة ومتراصـة.. إننا نتطلع بكل ثقة للقمة القادمة في الجزائر في نوفمبر القادم بإذن الله.. وندعو الله أن تكون محطة مهمة في تاريخ العمل العربي المشترك.. وأن تكون سبباً للالتئام والوحدة.. وتعبيراً أصيلاً عن الرأي العام في بلادنا الذي يرغب في رؤية زعمائه وقد اجتمع شملهم وتوحدت كلمتهم.. ولأجل هذا الهدف السامي، يتحتم علينا معالجة أي خلاف، واحتواء أي مشكلة.. واضعين نصب أعيننا على الدوام المصلحة العربية العليا.. حريصين كل الحرص على متانة الرابطة التي تجمعنا.. والله ولي التوفيق.
شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.